الرجاء الانتظار...

Main Logo
اخبار هنا العالم

مبادرة الفراية .. مؤامرة أم للصالح العام؟!


الجمعة   00:21   10/10/2025
Article Image

أخبار هنا العالم - محمود الدباس - أبو الليث

حين أطلق وزير الداخلية الأردني.. معالي مازن الفراية.. مبادرته لتخفيف الأعباء الاقتصادية والاجتماعية على المواطنين.. بدا واضحاً أن هدفه صريح.. المسؤولية المجتمعية.. الأمن المجتمعي.. الصالح العام.. المبادرة لم تحمل أي إلزام قانوني.. ولم تتدخل بالقوة في حياة الناس.. بل كانت دعوة واضحة للحكام الإداريين.. لنشر الوعي حول تقليل مهور الزواج.. وترشيد حفلات الزواج والجاهات.. وحتى اقتصار أيام العزاء على ما هو ضروري ومقبول اجتماعياً..

هذا التوجيه.. لا يعد شيئاً غريباً.. بل هو صلب عمل الوزير.. الحفاظ على التماسك الاجتماعي.. ومنع الاحتكاكات والنزاعات.. التي قد تنشأ من الضغوط المالية والاجتماعية.. المبادرة تدعو للعودة إلى البساطة.. لا إلى المنع.. أو السيطرة.. هي فعل لصالح الناس.. وليست انتهاكاً للتقاليد كما يحلو للبعض تصويره..

لكن.. كما يحدث دائماً.. تحركت عقول التشكيك والمبالغة.. وحوّلت المبادرة إلى مؤامرة خفية بتفعيلها لزر المؤامرة.. وكأن كل خطوة تهدف للصالح العام.. تحمل دوافع سياسية.. وكأن إقامة العزاء.. أو الجاهات.. أصبحت منصة لتجمع سياسي.. أو لإظهار النفوذ.. وكأن الدولة عاجزة عن تنظيم أي تجمع.. إذا أرادت.. فتستخدم الطرق الناعمة لإيهام الناس بأنها تسيطر.. أي عقلية هذه!؟.. وأي مستوى من التفكير وصلنا إليه.. عندما يُنظر لكل خطوة إيجابية.. على أنها خيانة للحرية والتقاليد!؟..

والأمر الأكثر وضوحاً.. أن هناك عشرات المبادرات المجتمعية.. التي تنادي منذ سنوات بتخفيف هذه الممارسات.. وإعادتها إلى أصلها.. إلى طابعها الاجتماعي البسيط.. والأصوات التي تطالب بذلك.. صارت تتصاعد مع كل مناسبة مبالغ فيها.. فإذا استجابت مؤسسة رسمية معنية بالأمن المجتمعي لمطالب الناس.. هل أصبح ذلك مؤامرة!؟.. أم هو مجرد اعتراف بحقيقة واضحة.. أن بعض العادات تراكمت أعباؤها على الناس.. وأن الإصغاء لمجتمع مثقل بالالتزامات والمسؤوليات.. ليس مؤامرة بل واجب..

الفراية بين المؤامرة والصالح العام.. ليس مجرد عنوان.. هو اختبار لقدرتنا على قراءة الواقع بعين الحكمة.. على التمييز بين مَن يسعى للخير ويعمل لصالح الناس.. وبين مَن يرى المؤامرة في كل حركة إيجابية.. المبادرة هي دعوة للوعي.. وإعادة الاعتبار للعقلانية في الحياة الاجتماعية.. وإظهار أن المسؤولية المجتمعية ليست شعاراً.. بل فعل ملموس يخفف عن الناس عبء الحياة.. ويعيد التوازن بين الحرية والتقاليد.. بين التشاؤم والأمل.. بين الواقع والطموح..

ويبقى الأمل.. ويبقى الدور.. فإذا كان الوزير مازن الفراية قد استجاب لصرخات المواطنين.. وأطلق مبادرة تخفف عنهم أعباء الحياة الاجتماعية.. فالأمر لا ينبغي أن يتوقف عند حدود هذه المبادرة.. فهناك ملفات يومية تؤثر على حياة الناس بشكل مباشر.. أسعار الطاقة والمياه التي تثقل كاهل المواطن.. وضريبة المبيعات التي تضيف فوق الأعباء طبقة من المعاناة.. هنا يأتي الدور على وزير الداخلية والحكومة ككل.. ليس فقط للاستجابة للمبادرات المجتمعية.. بل لإطلاق خطوات حقيقية.. وجريئة لتخفيف الضغوط اليومية عن المواطنين.. ومراجعة السياسات التي تمس حياتهم.. وتقديم حلول عملية تعكس حرص الدولة على الصالح العام.. وتثبت أن المسؤولية المجتمعية ليست شعاراً.. بل فعل ملموس.. واهتماماً حقيقياً بحياة الناس وكرامتهم..


مشاركة عبر: