الشلليّة في بيئة العمل

أخبار هنا العالم - عائشة محمد سعيد الملا
الشلليّة، أو التحزّب في بيئة العمل، انحياز لعلاقات وولاءات على حساب الرؤية المشتركة واللوائح المهنية.
حين تتقدّم «الشلة» على المؤسسة، يُختزل الحكم على الأفكار بهوية صاحبها لا بجودتها، وتتحوّل الاجتماعات إلى ساحات لتصفية الحسابات، فتتآكل الثقة وتتعطل القرارات.
ينشأ هذا التحزّب عندما يضع بعض المسؤولين الاعتبارات الشخصية فوق المصلحة العامة، أو حين تتبادل المستويات الإدارية «الحفر» مع بعضها بعضاً، فيضيع الموظف المجتهد بين نفوذ أعلى ومزاج أدنى.
ومع الوقت تتكرّس لغة «يا نحن يا هم»، فينخفض منسوب المبادرة، ويحلّ التردد محلّ الإقدام، وتفقد المؤسسة بوصلتها.
مقاومة الشلليّة تبدأ بالاعتراف الصريح بوجودها، فحيثما حلت هذه الظاهرة، أصبحت البيئة مريضة، بحاجة إلى علاج واستئصال قبل تفاقم هذا المرض.
وهنا لابد أن يجمع القائد فريقه على قلب رجل واحد، ويحوّل الجلسات إلى ورش عمل تنتج خطة واضحة، وأدواراً محددة، ومؤشرات أداء مفهومة للجميع، عندها يصبح التخطيط مبنيّاً على النتائج لا على العلاقات، ويعرف كل فرد ما له وما عليه، وكيف يُكافأ إن أصاب ويُصحَّح إن أخطأ.
بعد المصارحة تأتي الممارسة: تفويض مدروس يوزّع الصلاحيات وفق الأولويات، وإنصات واعٍ لأفكار الميدان قبل اتخاذ القرار، فالقائد الذي يبني أشخاصاً أقوى منه لا يفقد مكانته، بل يُوسّع أثره؛ يدرب، ويفتح أبواب التعلم والشهادات، ويترك لمن حوله مساحة الظهور وتحمّل المسؤولية، أمّا الاستغناء عن الأفراد فهو آخر الحلول التي أحبذها.
وتكتمل المعالجة بحوكمة تحمي النزاهة، عبر شفافية في الإجراءات، ومسارات رقابية موازية، وقنوات إبلاغ آمنة، ومساءلة تُطبَّق على الجميع بلا انتقائية، الولاء ينبغي أن يكون للقيم والنتائج وللمصلحة العامة، لا للأشخاص والتحالفات، وإن استحال الإصلاح داخل بيئة تؤبّد التحزّب وتُهين المهنية، فالمغادرة موقف أخلاقي يحفظ الكفاءة من الاستنزاف، إن لم أستطع أن أجد حلاً، فلا أفضل العيش بعقلية الضحية والمظلومية، أنا أؤمن بالحفاظ على ماء الوجه بشكل أكبر.
الفارق بين التحزّب والعمل الجماعي جذري: الأول يُقسِّم ويُضعف، والثاني يُوحّد ويُقوّي، حين تنتصر الفكرة على صاحبها، وتُرفع المصلحة العامة فوق كل «شلة»، تستعيد المؤسسة صحتها وتستقيم قيادتها.
عضو سابق في المجلس الوطني الاتحادي
مشاركة عبر:
-
عندما تتحول الطبيعة إلى مصدر دخل… فهل ننتظر أم نبدأ
17/10/2025 00:37
-
إعلام قرار .. أمانة عمّان
17/10/2025 00:37
-
العصف الذهني المجتمعي
17/10/2025 00:37
-
برقية إلى الملك المؤسس .. ارتباط مجيد
17/10/2025 00:37
-
استشهاد القائد يحيى السنوار... الصمت الذي دوّى في قلب الاحتلال
16/10/2025 16:06
-
الشرق الأوسط بين ضباب التسويات ومكر الخرائط
16/10/2025 00:31
-
السياحة العلاجية الأردنية .. من يعيد البوصلة
16/10/2025 00:31
-
النخب السياسية المعلَّبة .. أقنعة الحداثة في مرايا العالم الثالث
16/10/2025 00:31
-
مصافحة باردة تشعل التحليل السياسي: كيف ردّ الملك عبد الله على حماس ترامب في قمة السلام
16/10/2025 00:30
-
الأردن .. الحكمة التي تنحاز للحق دائماً
15/10/2025 01:41