سوريا الجديدة: العدالة تستعيد مسارها في ملاحقة رموز النظام السابق

اخبار هنا العالم - في تطور نوعي يعكس التزام الحكومة السورية الجديدة بتعزيز الأمن وتحقيق العدالة، أعلنت قوى الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية عن نجاح عملية أمنية دقيقة أفضت إلى اعتقال اللواء الطيار رياض عبد الله يوسف. هذه العملية، التي نفذت بالتعاون بين وحدات الأمن المختصة وفرع مكافحة الإرهاب، استهدفت شخصية عسكرية رفيعة كانت جزءاً من النظام السابق.

يوسف، الذي ينحدر من بلدة ترمانين في ريف إدلب، كان يشغل مناصب عسكرية حساسة، أبرزها قيادة مطار الضمير العسكري. التحقيقات الأولية، التي كشف عنها العميد عبد العزيز هلال الأحمد، قائد الأمن الداخلي في اللاذقية، أثبتت تورط يوسف في الإشراف المباشر على طلعات جوية تسببت في وقوع مجازر بحق المدنيين العزل. هذه الجرائم البشعة تؤكد أهمية هذه العملية في مسار تحقيق العدالة الانتقالية.

أكد العميد الأحمد أن عملية الاعتقال هذه تندرج ضمن استراتيجية وزارة الداخلية لملاحقة كافة الأفراد الذين تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء. هذا التأكيد على أن "يد العدالة ستطالهم مهما طال الزمن" يبعث برسالة قوية بأن الأجهزة الأمنية عازمة على كشف الجناة وتقديمهم إلى القضاء، مما يعزز من ثقة المواطنين في المسار الجديد للحكم.

منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، دشنت إدارة العمليات العسكرية مراكز تسوية في عدة محافظات سورية. تهدف هذه المراكز إلى استقبال عناصر النظام السابق من العسكريين والأمنيين والشرطة، وتشجيعهم على تسليم أسلحتهم وتسوية أوضاعهم. هذه المبادرة جزء من جهد أوسع لإعادة دمج الأفراد وجمع المعلومات التي قد تسهم في تحقيق العدالة، مع التأكيد على أن التسوية لا تعني الإعفاء من الجرائم المرتكبة.

على الرغم من الجهود المبذولة، واجهت عملية التسوية تحديات. فقد أدى رفض بعض عناصر النظام السابق تسليم أسلحتهم والامتثال لتعليمات التسوية إلى مواجهات أمنية في عدة محافظات. هذه المواجهات تؤكد على ضرورة استمرار اليقظة الأمنية، لا سيما في المناطق التي كانت تعد معاقل لكبار ضباط النظام السابق، مثل منطقة الساحل السوري.

في اللاذقية وحدها، تم افتتاح أربعة مراكز للتسوية: مركز المدينة، جبلة، القرداحة، والحفة. وقد شهدت هذه المراكز إقبالاً كبيراً، حيث تقدم حوالي 60 ألف شخص، منهم ضباط وجنود، لتسوية أوضاعهم. ومع ذلك، تشدد السلطات على أن التسوية لا تمنح براءة للمجرمين، وأن الملاحقة القضائية ستبقى مستمرة بحق المتورطين في جرائم خطيرة.