جوجل: خفضنا استهلاك الذكاء الاصطناعي للطاقة 33 مرة

اخبار هنا العالم - في خطوة غير مسبوقة نحو الشفافية البيئية في قطاع التكنولوجيا، أعلنت جوجل عبر مدونتها الرسمية عن تفاصيل استهلاك الموارد الطبيعية والأثر الكربوني لنموذج الذكاء الاصطناعي الرائد لديها، "جيميناي". يأتي هذا الإفصاح استجابة للمخاوف العالمية المتزايدة بشأن البصمة البيئية المتنامية للذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات الضخمة التي تدعمه. لطالما كانت مسألة استهلاك الطاقة والمياه المرتبطة بالذكاء الاصطناعي نقطة نقاش مهمة، وهذا التقرير يمثل أول محاولة شاملة من شركة تكنولوجيا كبرى لتقديم بيانات ملموسة وشفافة حول هذا التأثير.

أكد جيف دين، كبير العلماء في جوجل، على أهمية الشمولية في هذا التقرير، مشيرًا إلى أن الهدف كان تغطية "كل شيء" يتعلق باستهلاك الموارد. هذه الشفافية تضع معيارًا جديدًا للصناعة، وتشجع الشركات الأخرى على الكشف عن بصمتها البيئية، مما يمهد الطريق لفهم أعمق وتطوير حلول أكثر استدامة لتقنيات الذكاء الاصطناعي.

التكاليف البيئية لاستعلام نصي واحد في "جيميناي"
كشفت جوجل عن أرقام محددة توضح استهلاك الموارد لكل استعلام نصي في نموذج "جيميناي". هذه الأرقام تسلط الضوء على الحجم الدقيق للموارد المستهلكة، مما يساعد على تبديد التكهنات وتقديم حقائق ملموسة.

استهلاك الطاقة: مقارنات مفاجئة
وفقًا للتقرير، يستهلك كل طلب نصي موجه إلى نموذج "جيميناي" 0.24 واط/ساعة من الطاقة. قد يبدو هذا الرقم صغيرًا للوهلة الأولى، ولكن لتقريبه إلى الواقع، يعادل هذا الاستهلاك الطاقة اللازمة لمشاهدة التلفاز لمدة 9 ثوانٍ تقريبًا. كما أن هذا الرقم أقل بكثير من التقديرات العامة التي كانت متداولة في السابق، مما يشير إلى كفاءة أعلى مما كان متوقعًا في عمليات جوجل.

لفهم حجم هذا الاستهلاك بشكل أفضل، يمكن مقارنته باستهلاكات أخرى يومية. هذا النوع من الشفافية يساعد على وضع سياق واضح للتأثير البيئي للذكاء الاصطناعي، ويدحض بعض المفاهيم الخاطئة حول استهلاكها المفرط للموارد.

البصمة المائية: قطرات ذات تأثير
لا يقتصر التأثير البيئي للذكاء الاصطناعي على الطاقة فحسب، بل يمتد ليشمل استهلاك المياه، الذي يعتبر ضروريًا لتبريد مراكز البيانات. تشير جوجل إلى أن الاستعلام النصي الواحد لـ "جيميناي" يستهلك حوالي 0.26 مليلتر من الماء، وهو ما يعادل تقريبًا خمس قطرات ماء. على الرغم من أن هذا الرقم يبدو ضئيلًا على مستوى الاستعلام الفردي، إلا أن تجميعه عبر مليارات الاستعلامات اليومية يمكن أن يؤدي إلى استهلاك كبير للمياه على نطاق واسع.

تدرك جوجل أن النمو السريع للذكاء الاصطناعي يزيد من الطلب على الكهرباء والمياه. ولذلك، فإن تحسين كفاءة استخدام المياه في مراكز البيانات يعد أولوية قصوى لتقليل البصمة المائية الإجمالية لعملياتها.

خفض البصمة الكربونية: جهود مستمرة
في خطوة مبهرة، أعلنت جوجل أنها خفضت تكلفة الطاقة لكل استعلام ذكاء اصطناعي بمعامل 33x في عام واحد، وانخفضت البصمة الكربونية بمقدار 44x على مدى 12 شهرًا. هذا التحسن الهائل يعزى إلى التقدم المستمر في تحسين الأجهزة والبرامج التي تشغل نماذج الذكاء الاصطناعي. تساهم هذه الجهود في تخفيف التأثير البيئي للذكاء الاصطناعي حتى مع تزايد الطلب على هذه التقنيات.

الالتزام بالاستدامة: رؤية جوجل المستقبلية
تؤكد جوجل على التزامها بالاستدامة البيئية من خلال مجموعة من المبادرات والأهداف الطموحة، بهدف تقليل الأثر البيئي لعملياتها بشكل كبير. هذه الجهود لا تقتصر على تحسين كفاءة نماذج الذكاء الاصطناعي نفسها، بل تشمل أيضًا بنية مراكز البيانات التي تستضيفها.

الطاقة المتجددة: هدف 2030
تطمح جوجل إلى تشغيل مراكز بياناتها بنسبة 100% من الطاقة الخالية من الكربون على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع بحلول عام 2030. وقد حققت الشركة تقدمًا ملحوظًا نحو هذا الهدف، حيث وصلت إلى نسبة 66% بحلول عام 2024. هذا الالتزام يعكس رؤية جوجل الشاملة لتحويل عملياتها إلى نموذج أكثر استدامة، مع التركيز على مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

تظهر هذه الأرقام الجهد الكبير الذي تبذله جوجل في دمج الاستدامة في صميم عملياتها، وليس فقط كهدف ثانوي. هذا التوجه يعتبر حاسماً في سياق النمو المتسارع للذكاء الاصطناعي، الذي يتطلب كميات هائلة من الطاقة.

تحسين كفاءة مراكز البيانات
بالإضافة إلى التحول نحو الطاقة المتجددة، تستثمر جوجل بشكل كبير في تحسين كفاءة مراكز بياناتها. يشمل ذلك استخدام تقنيات تبريد متقدمة، وتحسين إدارة الأحمال، وتصميم مرافق تستهلك طاقة أقل. هذه التحسينات تساعد في مواجهة الزيادة في الطلب على الكهرباء الناتجة عن التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي.