الشرق والغرب: المعادلة الصعبة
أخبار هنا العالم - عائشة محمد سعيد الملا
منذ مطلع التسعينات ترسّخت العولمة بصيغتها المعروفة؛ انفتاح واسع للأسواق وتدفّق للسلع والأفكار والناس عبر الحدود، ومع هذا الانفتاح، تبدّلت حياتنا أدبياً وفكرياً وعلمياً وثقافياً، استفاد كثيرون من فرص المعرفة والابتكار، لكنّ آخرين اكتفوا بقشرة سلوكية تقلّد المظاهر وتهمل الجوهر، مع أننا نملك منظومة قيم وعادات قادرة على توجيه الانفتاح وضبطه.
اليوم تتعالى دعوات إلى الابتعاد عن العولمة، والالتفات شرقاً، مقابل تيارات أخرى تتمسّك بالغرب، وبرأيي أنّ السؤال ليس: الشرق أم الغرب.. بل: كيف نعيد هيكلة عولمة متوازنة تُنصف الكفتين، وتتخذ من الهوية الراسخة بوصلة لا عائقاً، فالعولمة الجديدة ليست انسحاباً من العالم ولا ارتهاناً لقطب واحد، بل شبكة علاقات أوسع تدار بوعي أكبر للمصلحة والقيم.
عملياً، يبدأ التوازن من الداخل: تعليم يضع اللغات والعلوم في كفة، والهوية والقيم في كفة أخرى بلا تعارض؛ إعلام يصنع سرديّته بدل استيرادها؛ اقتصاد ينوع شركاءه وأسواقه حتى لا يفاجئه انقطاع في الإمداد أو تبدل في السياسات. أما على مستوى الثقافة اليومية، فالمقياس بسيط: كل ما يُعزّز الكرامة والمعرفة والاستقلالية فهو مكسب من العولمة، وكل ما يُضعف الوعي أو يختزل الإنسان في مستهلكٍ دائم فهو خسارة ينبغي تداركها.
وفي عالم تتعدد فيه الأقطاب، تتزايد قيمة الدول والمجتمعات القادرة على أداء دور الجسر، تربط ولا تفرق، تنفتح ولا تنسلخ، وذلك يتطلب استثماراً طويل الأمد في رأس المال البشري، وفي البحث والتطوير، وفي البنية الرقمية التي تحمي البيانات وتُسهّل التعاون، إلى جانب سياسة ثقافية تُشجّع الإنتاج المحلي للمعرفة والفنون.
عضو سابق في المجلس الوطني الاتحادي
مشاركة عبر:
-
اللهم احفظ هذا الوطن آمنا -
الرمثا نافذة الشمال العصية -
خان أمّه -
جلالة الملك صانع الفرص .. والمؤسسات شريك الإنجاز -
الأردن وطن لا ترتجف رايته ولا تنحني هيبته -
الشرق والغرب: المعادلة الصعبة -
السردية الأردنية في قلب الخطاب السياسي -
شتي يا دنيا شتي -
الحراك العبثي وتسلل الخطاب المشوَّه إلى الهوية الوطنية -
الأحزاب ووصايتها إلى ضمير نوّابها