السياحة العلاجية الأردنية .. من يعيد البوصلة

أخبار هنا العالم - هاني الدباس

لم تعد السياحة العلاجية مجرّد رحلة بحث عن علاج، هي تجربة إنسانية تجمع الاستشفاء بالضيافة، وتنطلق من الثقة والاحتراف.

وفي عالم تتسابق فيه الدول لتقديم افضل نقاط الجذب السياحي والطبي ، يقف الأردن اليوم على أعتاب فرصة حقيقية ليعود وجهة للاستشفاء في المنطقة، مستندًا إلى مكانته الطبية التاريخية وكفاءة أسماءه الكبيرة وسمعته الإقليمية ودفء استقباله الإنساني.

ان النظر إلى التجربة التركية يكشف حجم الإمكانات حين تتكامل الرؤية والإدارة ، لتؤول إلى قصة نجاح كبرى، فتركيا لم تنجح صدفة في أن تصبح من أبرز الوجهات العالمية للعلاج، بل لانها شيدت مبكراً منظومةً متكاملة تبدأ من شركات متخصصة تضم الكوادر الطبية والإدارية المتسمة بالتناغم والتكامل.

إليكم منظومة النجاح ..

فريقٌ واحد يتولى مسؤولية تنسيق التفاصيل من التواصل الأولي مع المريض، وتحديد المركز الطبي المناسب، ثم تنظيم الإقامة، ومتابعة الفواتير، وحتى التواصل في مرحلة ما بعد العلاج.

هذا التكامل يُضفي شعوراً لدى المريض بأنه بين أيدي مؤسسة ترعاه بالكامل جسدياً ومعنوياً ، هذه المنظومة العلاجية اضحت صناعة ضخمة تدر المليارات وتمنح صورة مشرقة عن البلاد.

فماذا نمتلك نحن في الأردن وقد كنا الاول عربياً والخامس عالمياً ، الكفاءات الطبية المشهود لها عالميًا، واعرق مستشفيات المنطقة وبمستويات رفيعة من التجهيز، يضاف لذلك موقعها المتميز ومناخها المعتدل وحُسن الضيافة التي اصبحت صورة لصيقة لنا.

ما ينقص هذه المنظومة المتكاملة توحيد الجهود والانسجام بين مختلف المؤسسات في القطاعين، وتحويل التميز الفردي إلى إنجاز مؤسسي.

نحن بحاجة إلى شركات وطنية تعمل بنفس فلسفة التجربة التركية، التي كنا نسبقها بمراحل حتى سنوات قليلة ماضية ، فكرٌ يجمع بين الخبرة الطبية، والإدارة الاحترافية، والتسويق الإلكتروني الذكي، لتقود الباحث عن الاستشفاء في رحلته من لحظة الاتصال الأولى حتى اكتمال التعافي.

هذه الشركات يمكن أن تكون صلة الوصل بين المستشفيات والفنادق وشركات الطيران، لتراقب جودة الخدمات وتضمن الشفافية في التكاليف، وتبني جسور الثقة مع الأسواق الإقليمية والدولية. والأهم، أن تكون جزءًا من رؤية وطنية تُنظّم السياحة العلاجية عبر شراكة واضحة بين القطاعين العام والخاص.

السياحة العلاجية ليست رفاهية، بل صناعة وطنية كبرى بامتياز، تعود بالنفع على الاقتصاد، وتُعيد للأردن مكانته المستحقة كمركز للثقة ووجهة مثالية للسياحة العلاجية في المنطقة.

امام كل هذا، ما ينقصنا فقط هو القرار الجريء الذي يحوّل الفكرة إلى مشروع وطني يعيد بوصلة السياحة العلاجية ( الكنز ) إلى أولوياتنا.

اخبار هنا العالم

السياحة العلاجية الأردنية .. من يعيد البوصلة