الرجاء الانتظار...

Main Logo
اخبار هنا العالم

ترامب ونتنياهو في الكنيست .. دغدغة عواطف لا أكثر!


الأربعاء   01:41   15/10/2025
Article Image

أخبار هنا العالم - عميد متقاعد حسن أبو زيد

في ظل تصاعد التوترات السياسية داخل دولة الاحتلال، ومحاولات نتنياهو المستمرة للهروب إلى الأمام عبر استعراضات سياسية وإعلامية، جاء الاجتماع الأخير في الكنيست قبل التوقيع على مبادرة السلام في شرم الشيخ مشهدًا مكرّرًا لا يحمل جديدًا في المضمون، سوى المزيد من الثناء على الولايات المتحدة والرئيس الأمريكي دونالد ترامب شخصيًا.

استحضر نتنياهو في كلمته مواقف ترامب السابقة، معدّدًا "مناقبه" وإنجازاته التي قدّمها لإسرائيل، كاعترافه بالقدس عاصمة لها، ونقل السفارة الأمريكية إليها، ودعمه لما أسماه "الحقوق التاريخية لإسرائيل" في الضفة الغربية. وكل ذلك لا يعدو كونه محاولات مكشوفة لدغدغة عواطف الداخل الإسرائيلي، وكسب الوقت أمام شارعٍ غاضب ومعارضةٍ آخذة في الاتساع. فالمجاملات والخطابات المنمّقة لا يمكنها أن تُخفي حقيقة التوأمة السياسية بين الاحتلال وأمريكا.

لقد حاول نتنياهو، من خلال هذا اللقاء، أن يُظهر نفسه بمظهر القائد المتماسك القادر على توحيد الصفوف في وقت الأزمات، غير أن الواقع السياسي الداخلي في إسرائيل يُظهر العكس تمامًا. فالمشهد يعاني من انقسامات حادّة، ليس فقط بين اليمين واليسار، بل حتى داخل اليمين ذاته، وسط خلافات متزايدة حول استمرار الحرب، وتدهور الوضع الاقتصادي، ومسار العلاقات الدولية، والعزلة المتنامية على الساحة العالمية.
وفي هذا السياق، نُذكّر بعبارة الرئيس ترامب حين قال لنتنياهو: "لا يمكنك أن تحارب العالم كلّه". وهي عبارة تختصر المأزق الحقيقي الذي تعيشه حكومته، المهددة بالسقوط في أي لحظة.

إن ما جرى في الكنيست لم يكن سوى عرضٍ سياسيٍ للاستهلاك الداخلي، ومحاولةٍ لتلميع صورةٍ مهترئة أمام الرأي العام، بينما تبقى الحقائق على الأرض أكثر قسوة، كاشفةً عن عجزٍ واضح في اتخاذ قرارات حقيقية تُنهي الأزمة وتعيد الثقة المفقودة.

أما على صعيد الموقف الأردني ، فقد ظل ثابتًا وواضحًا لا يتأثر بمثل هذه العروض السياسية الزائفة. فالأردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، يؤكد دائمًا أن الاستقرار لا يتحقق بالمجاملات أو الخداع السياسي، بل بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على ترابها الوطني، وعاصمتها القدس الشرقية.

إن محاولات نتنياهو المتكررة لخلط الأوراق أو توجيه الأنظار بعيدًا عن جوهر الصراع لا تنطلي على أحد، فالموقف الأردني والعربي راسخ في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي رفض كل السياسات التي تسعى إلى تزييف الوعي أو دغدغة العواطف على حساب الحقيقة.

وفي ردّه على كلمة نتنياهو، التي امتلأت بالمديح والسرد الشخصي عن سير عددٍ من أفراد عائلته وبعض المسؤولين في الإدارة الأمريكية، لم ينسَ ترامب أن يُذكّره بدور وزيري الخارجية والدفاع في تلك المرحلة، مؤكدًا أن العلاقات بين الدول لا تُبنى على المجاملات، بل على المصالح والمواقف الثابتة.

وفي المحصلة، يبقى ما جرى في الكنيست مجرد حلقة جديدة في مسلسل المراوغة السياسية التي يتقنها نتنياهو، لكنها لن تغيّر من واقعٍ مأزومٍ يزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم. فالشعوب باتت تدرك أن الخطابات لا تصنع أمنًا، وأن المجاملات لا تُعيد هيبةً ولا تُحقّق سلاماً


مشاركة عبر: