الترجمة الفورية في الأذن: كيف غيّرت «إيربودز برو 3» قواعد التواصل العالمي؟

---

أخبار هنا العالم - خلال لقائي بأحد أصدقائي القدامى هذا الأسبوع، دار حديث طويل عن مغامراته الصيفية، لكن ما كان لافتاً فعلاً أن كل ما قاله جاء باللغة الإسبانية – وهي لغة لم أدرسها قط – ومع ذلك فهمت كل كلمة.

لم يكن الأمر معجزة، بل نتيجة لتجربة مباشرة مع سماعات «آبل» الجديدة AirPods Pro 3، التي طرحت مؤخراً بسعر 250 دولاراً، وتتميّز بخاصية الترجمة الفورية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.

تجربة شخصية مذهلة

بينما كان صديقي يتحدث، أدّت المساعدة الذكية «سيري» دور المترجمة، حيث كانت تحوّل ما يقوله إلى الإنجليزية وتبثه مباشرة في أذني. بعد انتهاء اللقاء، راجعت النص الكامل للمحادثة الذي تم تسجيله على هاتفي، وتبيّن لي أن الترجمة كانت دقيقة إلى حد كبير، باستثناء بعض الأخطاء البسيطة مثل التباس في الضمائر.

كانت هذه التجربة، في رأيي، واحدة من أبلغ الأمثلة على كيفية تسخير الذكاء الاصطناعي لخدمة الناس في مواقف حياتية يومية، خاصة في عالم تتسارع فيه وتيرة التنقّل والتنوع الثقافي واللغوي.

ذكاء اصطناعي في الأذن… لا في الشاشة

رغم أن أجهزة الترجمة الفورية ليست جديدة تماماً، فإن ما قدمته «آبل» في هذه السماعات يُعد نقلة نوعية. فبدلاً من استخدام التطبيقات المرهقة مثل «Google Translate» أو «Microsoft Translator»، حيث يتعين تقريب الهاتف من المتحدث وانتظار الترجمة النصية، يكفي الآن مجرد إيماءة خفيفة على السماعة لتفعيل الترجمة، فتسمع النتيجة مباشرة وبصوت واضح في لغتك المفضلة.

ويبدو أن «آبل» – بعد ترددها السابق في خوض غمار الذكاء الاصطناعي التوليدي – بدأت تدخل السباق من جديد عبر مدخل عملي وذكي، هو الترجمة الفورية من خلال «إيربودز».

كيف تعمل ميزة الترجمة في «إيربودز برو 3»؟
1. الإعدادات والتشغيل:

بمجرد فتح علبة السماعات بجوار هاتف «آيفون»، يتم الاقتران تلقائياً.

للاستفادة من ميزة الترجمة، يجب تحديث الهاتف إلى نظام iOS 26 وتفعيل ميزة Apple Intelligence.

من خلال تطبيق «Translate» الجديد من آبل، يمكن تحميل اللغات المطلوبة. حالياً، تشمل اللغات: الإنجليزية، الإسبانية، الفرنسية، الألمانية، والبرتغالية.

2. بدء الترجمة:

للبدء، اضغط باستمرار على ساقي السماعتين حتى يصدر صوت، ثم تحدّث كالمعتاد.

يُعرض النص في تطبيق الترجمة، بينما تُبث الترجمة الصوتية فوراً في الأذن.

3. الأجهزة المدعومة:

بالإضافة إلى «إيربودز برو 3»، تعمل الميزة أيضاً على إيربودز برو 2 وإيربودز برو 4 مع تحديث البرنامج.

يتطلب الأمر هاتفاً حديثاً من سلسلة آيفون 15 برو أو آيفون 16 لتشغيل وظائف الذكاء الاصطناعي بالكامل.

لماذا الترجمة في «إيربودز» أكثر دقة؟

بحسب ديميترا فيرغيري، مديرة تقنيات النطق في معهد SRI (الذي طوّر النسخة الأولى من «سيري»)، فإن نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) التي تقف وراء هذا الإنجاز تتيح ترجمة أدق، لأنها:

لا تترجم جملة بجملة، بل تحلل السياق الكامل للمحادثة.

تتوقع الكلمات وفق أنماط إحصائية متطورة.

تتكيف مع تغيّر المعنى بحسب الموقف.

ومع ذلك، تحذّر فيرغيري من أن هذه التقنية قد تُخطئ في فهم الفروق الثقافية أو العاطفية. على سبيل المثال، في بعض الثقافات، غياب التحية الودية أو الأسئلة عن العائلة قبل بدء الحديث قد يُعد غير لائق، وهو ما لا تستوعبه الآلات حتى الآن.

رغم التحديات التي واجهتها «آبل» في بدايات دخولها مجال الذكاء الاصطناعي، فإن ميزة الترجمة الفورية في «إيربودز برو 3» تثبت أن الشركة لا تزال قادرة على تقديم حلول واقعية وعملية، تعتمد على تصميم ذكي وتجربة استخدام سلسة.

إنها تقنية تبدو بسيطة، لكنها تحمل تأثيراً عميقاً: أن تُصبح قادرًا على فهم الآخرين، في أي مكان، دون أن تتعلم لغتهم. وهذا، باختصار، هو المعنى الحقيقي للتواصل في القرن الحادي والعشرين.

---

مشاركة عبر:

---