الرجاء الانتظار...

Main Logo
اخبار هنا العالم

اللغة العربية والطفولة المبكرة


الاثنين   00:44   13/10/2025
Article Image

أخبار هنا العالم - الدكتورة سميرة النعيمي

تمثل اللغة العربية في دولة الإمارات ركيزة أساسية في بناء الإنسان وترسيخ الهوية الوطنية، فهي ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل جسر يربط الطفل بجذوره الثقافية والقيمية منذ سنواته الأولى، فالاهتمام بمرحلة الطفولة المبكرة يشكّل حجر الأساس في ترسيخ اللغة الأم في وجدان الأجيال، إذ تؤكد الدراسات أن الطفل الذي ينشأ وهو يسمع ويتحدث بلغته الأم يكتسب ثقةً أكبر بنفسه، ويُظهر استقراراً نفسياً وعاطفياً أعلى من غيره.

إن ترسيخ اللغة العربية في الطفولة المبكرة لا يقتصر على تعليم المفردات أو القواعد، بل يتجاوز ذلك إلى غرس القيم والمبادئ التي تُبنى عليها شخصية طفلٍ منتمٍ لأسرته ومجتمعه، ومنطلقٍ للعالم بثباتٍ واتزان.

وقد أدركت دولة الإمارات هذا البعد الإنساني العميق، فجعلت من حماية اللغة العربية وتعزيز حضورها في التعليم المبكر أولوية وطنية، فالمناهج الحديثة وبرامج رياض الأطفال تدمج اللغة العربية في الأنشطة والألعاب التفاعلية والمشاريع الفنية، لتصبح جزءاً حياً من تجربة الطفل اليومية.

كما أطلقت الدولة العديد من المبادرات الرائدة التي تُعنى بإنتاج محتوى عربي أصيل وممتع للأطفال.

وترتبط اللغة العربية ارتباطاً وثيقاً بالحفاظ على الهوية الوطنية، فهي البوصلة التي توجه الطفل نحو الانتماء، وتجعل القيم الإماراتية جزءاً من سلوكه اليومي. ومن خلال فهم لغته، يستوعب تاريخ وطنه ويُقدّر تراثه.

وشكّل مؤتمر «القرائية في الطفولة المبكرة» في الشارقة الذي أُقيم بالتعاون بين مجموعة كلمات والأكاديمية الوطنية لتنمية الطفولة نموذجاً رائداً للتكامل بين الجهات الثقافية والتربوية، حيث ناقش أفضل الممارسات في تعليم اللغة العربية عبر القصص والألعاب والأنشطة التي تربط الطفل بلغته في بيئة محفّزة.

ومن المبادرات المميزة كذلك برنامج «المباركة للقراءة» الذي يدعم جهود الأسرة والمدرسة معاً في تعزيز مهارات القراءة باللغة العربية وغرسها في نفوس الأطفال، إلى جانب مبادرات أخرى تُجسّد التزام الدولة بصون اللغة الأم وتنميتها جيلاً بعد جيل.

إن غرس اللغة العربية في مرحلة الطفولة ليس مجرد واجب تربوي، بل استثمار في إنسان المستقبل؛ إنسانٍ متوازنٍ في فكره وعاطفته، معتزٍ بهويته، ومنفتحٍ على العالم بثقةٍ وإبداع.

*نائب مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية - قطاع الخدمات المساندة


مشاركة عبر: