الرجاء الانتظار...

Main Logo
اخبار هنا العالم

مبادرة وزير الداخلية .. خطوة جريئة نحو إصلاح اجتماعي طال انتظاره


السبت   00:12   11/10/2025
Article Image

أخبار هنا العالم - كابتن اسامة شقمان

مبادرة معالي وزير الداخلية مازن الفراية.

فالمبادرة، في جوهرها، لم تكن تدخلاً في حياة الناس، بل خطوة إصلاحية جادة تهدف إلى تخفيف الأعباء الاجتماعية عن المواطنين وإعادة ترتيب أولويات العادات بما يتناسب مع واقع الحياة المعاصرة.

أولاً: مبادرة من صميم المسؤولية الوطنية

من الطبيعي والمنطقي أن تصدر المبادرة عن وزارة الداخلية، فهي الجهة المعنية بتنظيم الحياة العامة وضبط إيقاعها المجتمعي.
إطلاق مثل هذه المبادرات ليس وصاية على الناس، بل دور توجيهي مسؤول يسعى إلى تصحيح المسار الاجتماعي دون المساس بالكرامة أو التقاليد.

ولو انتظرنا في كل مرة توافقاً عشائرياً أو نقاشاً مجتمعياً قبل أي خطوة إصلاحية، لما تحقق أي تقدم حقيقي في المجتمع الأردني.


ثانياً: تحديد أيام العزاء ليس تدخلاً بل تنظيم حضاري

المبادرة لم تفرض أمراً إلزامياً على أحد، بل دعت إلى تيسير وتنظيم بما يتناسب مع ظروف الناس الاقتصادية والزمنية.
الاكتفاء بيوم واحد من العزاء لا يُقلل من الحزن أو الاحترام للمتوفى، بل يُراعي واقع الحياة وضيق الوقت وتزاحم الالتزامات.
ومن أراد أن يمدد أيام العزاء فله ذلك، ولكن الرسالة المقصودة هي تشجيع البساطة وتخفيف المشقة لا أكثر.

ثالثاً: مشاركة المسؤولين في المناسبات

طلب تقنين مشاركة المسؤولين في الجاهات والأفراح لا يعني قطع العلاقات الاجتماعية، بل حماية لمكانة المنصب العام من التوظيف الاجتماعي.

فمن غير المنطقي أن يُلزم الوزير أو النائب بحضور جميع المناسبات الشخصية أو العشائرية.

المبادرة تسعى إلى تنظيم التفاعل الرسمي لا إلغائه، بهدف تحقيق التوازن بين الالتزام الوظيفي والعلاقة الاجتماعية.

رابعاً: القدوة تبدأ من الأعلى
الإشارة إلى أن بعض المسؤولين شاركوا سابقاً في مناسبات عامة لا يُبطل قيمة المبادرة، بل يُظهر وعياً متجدداً لديهم بأن الإصلاح يجب أن يبدأ من أصحاب القرار أنفسهم.

الاعتراف بالحاجة إلى التغيير بعد الممارسة السابقة دليل نضج سياسي وشجاعة إدارية تستحق الإشادة لا الانتقاد.

خامساً: المبادرة تواكب روح العصر
الظروف المعيشية الحالية لم تعد تحتمل المبالغة في الإنفاق على الأعراس أو المناسبات.
تقليص المهور، وضبط الولائم، والاقتصار على الجوهري من المراسم خطوات تعزز التكافل الاجتماعي وتخفف عن الشباب المقبلين على الزواج.
المبادرة جاءت لتعيد التوازن بين مظاهر الفرح وقدرة الناس، وتنسجم مع قيم الإسلام والعقلانية والاعتدال التي يعتز بها الأردنيون.

سادساً: الإصلاح لا ينتظر الإجماع
كل إصلاح حقيقي يواجه في بداياته موجة رفض، لكن الوقت كفيل بإثبات الحاجة إليه.
المبادرة فتحت باب النقاش الوطني حول عاداتنا الاجتماعية، وأطلقت حواراً صحياً بين مختلف فئات المجتمع.
وهذا في حد ذاته إنجاز يُحسب لوزارة الداخلية لأنها بادرت إلى كسر الصمت وطرح قضية حساسة تمس حياة الناس مباشرة.

سابعاً: المبادرة ليست ضد العادات بل لتطويرها
العادات ليست نصوصاً مقدسة، بل ممارسات إنسانية قابلة للتطوير بما يخدم المصلحة العامة.
المبادرة لا تمس قيم الكرم ولا التواصل، بل تضبط المبالغة وتدعو إلى الاعتدال.
هي دعوة للتوازن بين الأصالة والمعاصرة، وبين الموروث الجميل والواقع العملي.


الخلاصة: إن مبادرة وزير الداخلية لم تكن تدخلاً في شؤون الناس، بل نداء إصلاحٍ اجتماعي مسؤول جاء في وقته، ليذكّرنا بأن العادات يجب أن تخدم الإنسان لا أن تُثقله.

رفضها لمجرد صدورها من جهة رسمية هو تفويت لفرصة ثمينة نحو وعيٍ اجتماعي ناضج.

علينا أن ننظر إليها كخطوة واثقة على طريق التحديث والتوازن، لا كتقييدٍ للعادات أو انتقاصٍ من القيم.


مشاركة عبر: