اكتوبر .. شهر الحماس والفرح

أخبار هنا العالم - أحمد سلامة
كان السادس من اكتوبر، مفاجأة مذلة لقيادة المشروع اليهودي وكانت القيادة من حزب العمل الليبرالي (غولدا / دايان / رابين)
لقد اذهل المقاتل العربي بانقضاضه على دشم (اليهود الحصينة) ذات عيد يهودي (الغفران) فغفر الله سبحانه بالدم الزكي العربي
ما اقترفه الساسة العرب (البريء منهم والمقيد قبل ان يصير (السادات) من سذاجة وتهور) وكان ذلك صدمة اولى لاسرائيل قادة ومجتمع..
وبدل أن يمضي المشروع اليهودي في فلسطين الى برنامج عقلاني، ويتخلص من غطرسته واستعلائه، راح نحو اليمين المجنون، وركب الموجة (مناحييم بيغن) ارهابي متطرف اودت به الدنيا الى اكتئاب ومرض نفسي ومات محزونا بعد ان سلم الراية لاشد منه جنونا وغطرسة وتطرفا (اسحق شامير)
لقد عمل الاسرائيليون على ما اسموه (اسرلة الجيل الفلسطيني الجديد) ولكن هذا الجيل هو من رفض كل غطرسة اليهود ورفع اصبعه واضعا اياه في عيونهم بانتفاضة الحجر
ثم اتبع العرب مفاجأة اليهود بالانتفاضة بصواريخ بغداد، التي لاول مرة فندت فكرة التفوق في السماء وعلى الارض على كل العرب.
لقد كانت صواريخ بغداد اول الرد على اخراج (مصر) من الصراع العربي الاسرائيلي وقبول (قيادتها الفنية، السادات، مبارك) دور الوسيط في الصراع بين فلسطين ويهود..
كانت الدهشة، قد اعترت وجه اسحق رابين على شرفة منزل الهاشمي سيدنا الحسين في العقبة في شهر تموز من عام ١٩٩٤م، حين باشر عرض الاسباب التي قادته لاتخاذ قرار السلام مع العرب قال (حين رأيت صواريخ العراق تضرب في تل ابيب، ادركت ان مرحلة جديدة في حياتنا تحتاج الى مراجعة شاملة.. كان رابين يهوديا حريصا على مصلحة ناسه ويهوده، فاتخذ القرار الصائب وكانت زمرة نتنياهو المحرض والقاتل قد قررت شيئا اخر (اختطاف السلام واغتيال رابين)!!
كان المجتمع اليهودي يبرهن مرة اخرى انه مجتمع شاذ في تكوينه، حين كافأ القاتل (نتنياهو) وأتى به رئيسا للوزراء.. كيف يكافأ القاتل؟!
هذا موضوع يحتاج الى علماء اجتماع!!
ومنذ ان تبوأ (اليمين المجنون) دفة الحكم في اسرائيل وهو ممعن في اذلال الفلسطيني وسلبه مقدراته وبصمت معيب لدعاة الانسانية الاوروبية الامريكية، تمت تصفية فكرة (اوسلو التصالحية التدرجية) وهم من صنعوا من حماة المستعمرات مشاريع فاسدة تشبههم
وظن قادة اليهود الثلاثي الاحمق (نتنياهو، سموتريتش، بن غفير) ان الدنيا اذعنت لجنونهم وراحوا ينبشون بالتوراة نصوصا اما هي في الاصل ملفقة. واما انها صحيحة، لكنها لا تصلح ان تكون مرجعا سياسيا لدولة تدعي انها ضحية مذبحة غير مسبوقة في الكون (الهولوكوست)..
لقد توهم دعاة (التوراتية) في انشاء الكيان على اسس دينية انهم هم الغالبون..
وكان السابع من اكتوبر بانتظار تفنيد كل هلوسات المشروع التوراتي البغيض وغير الواقعي!!
نقرأ ونسمع ونرى افكارا تنتقد بمرارة وادانة ايضا (قرار حماس) بالانقضاض على دولة يهود.. ويشرح دعاة الادانة بتفنن (هم سيسألون عنه بين يدي الله يوم الحشر) خطيئة حماس ودم حماس وقيادة حماس والخ..
بتهم التفرد واللاواقعية وغياب الوعي في موازين القوى واشياء تبدو مليحة الملمس في ظاهرها..
وقبل ان اقول رأيي في السابع من اكتوبر، اود ان اقول انني اردني، عربي، مسلم، من اهل الاجماع، اعيش حياتي في ظل ايمان يقيني بالرسالة الهاشمية، التي تعني فيما تعني اساس الواقعية والعقلانية.. ولست مع حماس كمذهب سياسي لكني معها بفعلها العربي الاسلامي.
لكن.. لماذا علينا الا ندين حماس وفعلها التاريخي المجيد؟.. لاسباب اربعة:
اولا: إن السابع من اكتوبر هو في التسلسل جاء بعد السادس من اكتوبر بيوم ويعني هذا ان اياما خالدة في حياة العرب ستتكرر بالتتابع ان بقي هذا الجنون اليهودي على حاله..
وليس شرطا ان يكون الثامن من اكتوبر القادم غزيا او فلسطينيا او اردنيا او سوريا، ربما ان يكون يمنيا او جزائريا في قادم الايام.
لان هذه المروحة العربية في التاريخ معلومة حركتها، وعلى اليهود ان يراجعوا خاصة المفكرين منهم حركة العرب في ما زاد عن المئتي سنة ابان المواجهة الاولى بيننا وبين الغرب الغازي اعني الحروب الصليبية.. بدأت في الموصل ثم حلب ثم مصر وسوريا وبعدها اجتمع العرب على دحر القادمين.. وقد حصل !!
ثانيا: إن اخطر ما اتت به حماس الحركة التدينية، هو انها كانت العنوان النقيض والرافض لتديين الصراع وجعل الدين فلسفة سياسية للاضطهاد والاستعلاء..
لقد اقترف قادة اليهود على مدار عشرين عاما ويزيد عنفا وصل حد التوحش من حرق بلدات باكملها (حوارة / نابلس) الى القاء النعش على الارض لصحفية شهيدة في وسط كنيسة فرنسية (شيرين ابو عاقلة)، الى سرقة الارض واضطهاد الفلسطيني بسياسة مدروسة
لجعل الاستسلام عبر التوحش بابا للحياة واعتمدت الآلة اليهودية (على العوزي، والمرتزق، والتوراة) لتجعل من ذلك الثالوث البغيض في حياة كل فلسطيني.. منهجا للاذعان
وبكل الاحترام لاتباع كل الديانات خاصة اليهودية منها، حين تتحول المواجهة (بين اتباع الله الذين يرفعون المصحف رايتهم) واتباع اي اخر يرفعون اي شيء في مواجهته فان التاريخ علمنا، واليقين ثبتنا، والمواجهات وهبتنا. وهم القوة في الرد والانتصار بعد ان تطول المواجهة على كل ما دون سوانا.
ما فعلته حماس اهميته انه رفع المصحف في وجه التوراتيين الجدد ليقول لهم (كفى)
وحين يرفع المصحف لا شيء يوقفه سوى النصر انى طال مدى الصراع
ثالثا: لقد تفننت مواكن الاعلام العالمية في عرض صورة الفلسطيني الذي لا حول له ولا قوة في المستشفى، في المسجد، في الشارع، وجعلت من غزة في وسائل التواصل قديمة وحديثة. مقبرة يجللها الضعف والهوان..
ولقد تم بمكر فني رهيب اخفاء صورة اليهودي الذي طار عليه الفلسطيني بدراجة هوائية وفتك به، وتم تغييب صورة البطولة والصبر
الذي جعل من اكذوبة الجيش المحترف والاخلاقي صورة من صور الضعف المهين حيث قاتل مجموعة بشرية آمنت بربها واقبلت على الشهادة فسقط الجيش في تحقيق اهدافه
اسراه سيعودون ان عادوا بالتفاوض وخسائره ستظهر بجلاء حين يصمت الرصاص.
لم يسأل احد منا من اين اكل الصامدون المقاتلون ومن اين جاءتهم الذخيرة وجددوا اسلحتهم.. كلها اسئلة مليئة بالفخار لكن تم تغييبها قصدا لاظهار صورة الفلسطيني في الخيمة المهشمة!!
إن الصورة لعبة اليهود المعاصرة لكننا سننتظر للصور التي ستظهر حين يأتي الحساب الداخلي لدعاة (توراتية المواجهة)
رابعا: من منا لم يحزن للضحايا والخسائر المتهورة في غزة الابد!! من منا لم يبك اطفالا تضوروا موتا وحزنا على اهاليهم!؟
لكن من منا لا يعرف معنى التضحية يكون اما ان الجهالة اعمت بصيرته او انه امي لم يقرأ تاريخ الموجهات الكبرى..
برلين كانت قاعا صفصفا، وبغداد ذبحت وشنق الملهم، واليهود انفسهم ما واجه بشر مرارة مثل مرارتهم لكنهم بدل ان يتجنبوا خطأ قاتلهم تمثلوا دوره وادوه بخيبة رديئة..
مدن القنال في حرب الاستنزاف قدمت ما يفوق ما قدمت غزة ونزح منها قرابة الملايين!! ولبنان لم تزل تضحي فدوى لعيون العرب.. ومن يمتلك ذاكرة حية او يقرأ التاريخ فإن (الأمة الأردنية) قد قدمت ما بين ١٩٦٦- ١٩٧٠م ما تتحسر له القلوب، فلقد قصف مكتب الملك الهاشمي في ١٩٦٧م ودكت الاغوار واحرقت قلوب اهل الشمال حين كان النابالم يسقط على رأس منصور كريشان ورفاقه..
ولما وقفت الاسود في الكرامة في وجه جنون يهود كانت الدماء ذات الدماء في غزة
لقد جاءت حصة غزة وافية وافرة لكن علينا ان نتذكر ان ما يزيد عن ٥٠٠ قرية وبلدة فلسطينية ابيدت وعشرات من المدن احتلت. ومئات من الالوف نزحت كان ذلك عام ١٩٤٨م
في معركة غزة لا نزوح ولا لجوء وهم قتلوا ونحن قتلنا
وغزة ان ارادها العالم بوابة سلام شريف عادل وليست مجرد مدخل لجوائز دولية فسيكون السابع من اكتوبر مسك الختام وان لم فلينتظر العالم الحر الداعم لاسرائيل الثامن من اكتوبر القادم
ساعتئذ سينضج العربي في المواجهة اكثر وستكون المسيرات بين يديه مثل الدمى
سيرحل نتنياهو
وفصل الخطاب ان حماس ادت واجبها وعليها ان تمضي معتزلة في الذروة
مشاركة عبر:
-
عندما تتحول الطبيعة إلى مصدر دخل… فهل ننتظر أم نبدأ
17/10/2025 00:37
-
إعلام قرار .. أمانة عمّان
17/10/2025 00:37
-
العصف الذهني المجتمعي
17/10/2025 00:37
-
برقية إلى الملك المؤسس .. ارتباط مجيد
17/10/2025 00:37
-
استشهاد القائد يحيى السنوار... الصمت الذي دوّى في قلب الاحتلال
16/10/2025 16:06
-
الشرق الأوسط بين ضباب التسويات ومكر الخرائط
16/10/2025 00:31
-
السياحة العلاجية الأردنية .. من يعيد البوصلة
16/10/2025 00:31
-
النخب السياسية المعلَّبة .. أقنعة الحداثة في مرايا العالم الثالث
16/10/2025 00:31
-
مصافحة باردة تشعل التحليل السياسي: كيف ردّ الملك عبد الله على حماس ترامب في قمة السلام
16/10/2025 00:30
-
الأردن .. الحكمة التي تنحاز للحق دائماً
15/10/2025 01:41