سلام على مقاس الاحتلال - اخبار هنا العالم

أخبار هنا العالم - د. هيفاء ابوغزالة

خطة ترامب للسلام التي طُرحت وكأنها مفتاح لحلّ الصراع، لم تكن سوى محاولة لإعادة تشكيل المشهد بما يخدم الاحتلال ويُخرجه من عزلته ومأزقه التاريخي. فالخطة في ظاهرها خطاب مزين بكلمات عن التنمية والازدهار والسلام، لكنها في باطنها مشروع سياسي مفضوح يكرس الهيمنة ويشرعن الاحتلال ويمنحه الغطاء الذي فقده مع تزايد جرائمه وفشله في فرض أمر واقع مستدام.

من يقرأ تفاصيل الخطة يدرك أنها لم تُكتب من أجل الفلسطينيين ولا من أجل عدالة القضية، بل لتثبيت سردية القوة الغاشمة وتحويل الحقوق المشروعة إلى مجرد امتيازات مشروطة. هي خطة لا تُنهي الصراع، بل تعيد إنتاجه بشكل أبشع، حيث يتم إلغاء التاريخ، وتهميش القرارات الدولية، واستبدال العدالة بتسويات قسرية مفصّلة على مقاس الكيان.

جرأة الخطة الحقيقية ليست في مضمونها بل في وقاحتها، فهي لا تخجل من الانحياز ولا تخفي استهتارها بالقانون الدولي. إنها ورقة إنقاذ وغطاء سياسي للكيان ليخرج من وضعه المخزي الذي بات فيه عبئاً على داعميه بعد أن تآكلت صورته أمام العالم وانكشفت ممارساته القمعية والدموية. فجاءت الخطة لتمنحه متنفساً جديداً يعيد إليه بعض الشرعية الزائفة.

لكن الحقيقة أن مثل هذه المشاريع لا تصمد طويلاً أمام صلابة الشعوب ووعيها. فالتاريخ أثبت أن كل الصفقات التي بنيت على إنكار الحق الفلسطيني كان مصيرها التلاشي. ما يبقى هو إرادة الشعوب التي لا تُشترى ولا تُباع، وما يبقى هو حق لا يسقط بالتقادم. خطة ترامب لم تكن سوى فصل عابر في كتاب طويل عنوانه صمود الفلسطيني وإصراره على البقاء، وخط النهاية سيكتبه الشعب على أرضه، لا في مكاتب السياسة ولا على طاولات المساومات.