بداية جديدة في علاقة ترامب وأردوغان

أخبار هنا العالم - د. سعيد الحاج
شكلت استضافة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لنظيره التركي رجب طيب أردوغان في البيت الأبيض استئنافا للعلاقات بين البلدين على المستوى الرئاسي كان مفقودا خلال رئاسة جو بايدن.
ورغم سقف التوقعات المرتفع فإن المخرجات المباشرة للقمة، أكدت على النوايا الإيجابية، وعلى العقبات المؤسساتية سواء بسواء.
السياق والتوقعات
كانت قمة ترامب- أردوغان في واشنطن الأولى من نوعها منذ ست سنوات؛ أي منذ الولاية الأولى لترامب، حيث لم يكن الرئيس السابق بايدن يخفي غياب الود من طرفه تجاه أردوغان، لدرجة أنه دعا خلال حملته الانتخابية إلى "دعم المعارضة التركية لإسقاطه".
وقد أتت القمة بعد أحداث ساخنة وعميقة الأثر إقليميا ودوليا، مثل الحرب الروسية- الأوكرانية، ولا سيما بعد محاولة ترامب التوسط لوقفها، ثم سعيه لدعم كييف، وتغيّر النظام في سوريا، حيث تلتقي الدولتان على دعم القيادة الجديدة، أو على أقل تقدير "منحها فرصة" بالتعبير الأميركي، وكذلك حرب الإبادة في غزة المستمرة منذ عامين تقريبا.
لطالما شكلت العلاقة الشخصية بين الرئيسين مدخلا مهما للعلاقات بين أنقرة وواشنطن في عهد ترامب، إذ لا يخفي الأخير إعجابه بنظيره التركي الذي يراه "رجلا قويا يحظى باحترام واسع في تركيا، وأوروبا، والعالم".
في المقابل، يبدو أن الرئاسة التركية قد درست جيدا مفاتيح شخصية الرئيس الأميركي، الذي يخشى كثيرٌ من الرؤساء لقاءه خشية الإحراج؛ بسبب مزاجيته وتقلباته، ولا سيما المديح الشخصي، والمكاسب التجارية.
في هذا السياق، أكثر أردوغان من التعبير عن "ثقته بترامب" كرئيس قادر على وقف الحرب في أوكرانيا وغزة، كما ألغى قبيل سفره إلى الولايات المتحدة مباشرة رسوما جمركية إضافية، كانت بلاده قد فرضتها على بعض البضائع الأميركية عام 2018، ردا على رسوم فرضتها الولايات المتحدة على واردات الصلب والألمنيوم.
وقد سبقت القمةَ بين الرئيسين، كلمةُ أردوغان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي هاجم فيها إسرائيل، ونتنياهو بخطاب حاد؛ بسبب حرب الإبادة في غزة، كما سبقها اجتماعه وعدد من المسؤولين العرب مع ترامب نفسه بخصوص الحرب على غزة والذي تحدث فيه الأخير عن قرب التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار.
على جدول أعمال القمة بين الرئيسين كان من المتوقع أن تحضر ملفات هامة على صعيد العلاقات الثنائية والملفات ذات الاهتمام المشترك، من الحرب الروسية- الأوكرانية، والحرب على غزة، إلى العلاقات التجارية والاقتصادية، ومن الملف السوري إلى التصعيد في المنطقة، ومن صفقات مقاتلات "إف-16" و"إف-35″، إلى التعاون في مجال الطاقة النووية، ومن مصير منظومة "إس-400" التي اشترتها أنقرة من موسكو، إلى الغاز الروسي الذي تستورده منها.
حظي الرئيس التركي بترحاب شديد واحتفاء ملموس في البيت الأبيض، حيث كرر ترامب أكثر من مرة إعجابه به كرئيس قوي "تربطني به صداقة قديمة" من جهة، وتقديره لدوره في تغيّر النظام في سوريا (حيث يرى أنه هو "من فعلها") من جهة أخرى.
كما رجّح الرئيس الأميركي في رده على أسئلة الصحفيين أن ترفع بلاده العقوبات عن تركيا، وتبرم صفقات السلاح "فورا، إن أجرينا اجتماعا إيجابيا"، قائلا إن أردوغان "سينجح في شراء ما يريد".
المخرجات
في الشكل والمضمون كانت القمة الرئاسية إيجابية للغاية، وخصوصا ما ارتبط بالعلاقة المباشرة بين ترامب وأردوغان، بما يختلف جذريا عن بعض لقاءات ترامب مع رؤساء آخرين بمن فيهم حلفاء بلاده الأقرب.
وقد ساهمت تصريحات الأخير بشكل واضح في رفع سقف التوقعات من القمة، ولا سيما ما يتعلق بملفات شائكة وعالقة منذ سنين بين البلدين، مثل مقاتلات "إف-35" التي كانت تركيا أُخرجت من الشراكة في مشروعها بقرار أميركي؛ بسبب شرائها منظومة "إس-400" الدفاعية الروسية.
المخرجات المباشرة شملت توقيع البلدين اتفاقية تعاون لإنشاء مفاعل نووي لإنتاج الطاقة الكهربائية في تركيا، كنواة لتعاون إستراتيجي بين البلدين في مجال الطاقة النووية السلمية.
كما راجت أنباء عن تفاهمات بخصوص شراء أنقرة عددا كبيرا من طائرات بوينغ ضمن صفقة تصل لعشرات مليارات الدولارات. أما كل ما يتعلق بالصناعات الدفاعية وصفقات السلاح، فلم يعلن أي من الجانبين عن نتائج محددة بخصوصها.
في العموم، يتضح أن الطرفين بنيا اللقاء على أساس المصالح المشتركة، وخصوصا الاقتصادية والتجارية منها، وليس المواقف المسبقة أو الملفات الخلافية.
وهو أمر يعد بإمكانية فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، والتي رغم صفة التحالف شابتها خلال السنوات الماضية عدة هزات في مقدمتها إخراج تركيا من مشروع "إف-35″، وتوقيع عقوبات عليها وفق قانون "كاتسا"، ومقاضاة مصرف "خلق" التركي أمام المحاكم الأميركية، والخلافات بخصوص سوريا، وغير ذلك من الملفات.
فيما يتعلق بشراء أنقرة 40 طائرة "إف-16″، يبدو أن الأمر مطروح على طاولة التفاوض بين البلدين، بالنظر لفائدة الصفقة ماليا للولايات المتحدة، ولا سيما أن إدارة بايدن كانت قد أقرت الصفقة بعد رفع أنقرة الفيتو على انضمام السويد لحلف شمال الأطلسي (الناتو).
مشاركة عبر:
-
عندما تتحول الطبيعة إلى مصدر دخل… فهل ننتظر أم نبدأ
17/10/2025 00:37
-
إعلام قرار .. أمانة عمّان
17/10/2025 00:37
-
العصف الذهني المجتمعي
17/10/2025 00:37
-
برقية إلى الملك المؤسس .. ارتباط مجيد
17/10/2025 00:37
-
استشهاد القائد يحيى السنوار... الصمت الذي دوّى في قلب الاحتلال
16/10/2025 16:06
-
الشرق الأوسط بين ضباب التسويات ومكر الخرائط
16/10/2025 00:31
-
السياحة العلاجية الأردنية .. من يعيد البوصلة
16/10/2025 00:31
-
النخب السياسية المعلَّبة .. أقنعة الحداثة في مرايا العالم الثالث
16/10/2025 00:31
-
مصافحة باردة تشعل التحليل السياسي: كيف ردّ الملك عبد الله على حماس ترامب في قمة السلام
16/10/2025 00:30
-
الأردن .. الحكمة التي تنحاز للحق دائماً
15/10/2025 01:41