الرجاء الانتظار...

Main Logo
اخبار هنا العالم

انفتاح الفضاء الرقمي على التعليم القيمي


الثلاثاء   00:10   30/09/2025
Article Image

أخبار هنا العالم - ناصر سالم سيف الدرعي
يواجه الحقل التعليمي اليوم منظومة معقدة من التحديات تتداخل فيها العوامل الثقافية والاجتماعية والتربوية. ولا يمكن التغلب عليها إلا برؤية تكاملية توحّد جهود المدرسة والأسرة والإعلام والمؤسسات المعنية، بما يضمن إعادة الاعتبار للقيم الأصيلة وصياغة جيل متوازن يجمع بين المعرفة الراسخة والسلوك القويم.

وفي ظل سياق العولمة والتطور التكنولوجي المتسارع، تواجه المدرسة تحدياً وجودياً يتمثل في الحفاظ على الخصوصية الثقافية والهوية الوطنية. أدى انفتاح الفضاء الرقمي وانتقال الثقافات عبر المنصات العالمية إلى تعريض الشباب لتأثيرات ثقافية متنوعة ومتضاربة، ما قد يؤدي إلى حالة من «التشظي الثقافي»، حيث تتشتت أفكارهم وتتفكك علاقاتهم وتضعف روابط الأفراد بتراثهم، لاسيما أن التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم أفرزت تحديات جديدة أمام التعليم القيمي، وجعلت مهمة المؤسسات التربوية أكثر تعقيداً، إذ أصبح لزاماً علينا تحصين النشء مع التطور المتسارع الذي يمر به عالمنا اليوم والحد من مخاطره بكل وعي.

أول هذه التحديات يتمثل في العولمة والانفتاح الإعلامي والثقافي، حيث أصبح الطالب متأثراً بالثقافة الرقمية ومنصات التواصل الاجتماعي التي تبث أنماطاً سلوكية وقيماً قد تتعارض مع الهوية الوطنية والدينية.

وهنا يبرز دور التعليم في إيجاد توازن دقيق بين الانفتاح على العالم والاستفادة من منجزاته، وبين حماية الخصوصية القيمية للمجتمع.

أما التحدي الثاني فهو ضعف القدوة التربوية، فالتعليم القيمي لا يعتمد على التلقين بقدر اعتماده على النموذج الحيّ الذي يجسّد القيم عملياً، غير أنّ تركيز بعض المربين على الجوانب الأكاديمية والإدارية جعل حضور القدوة الأخلاقية ضعيفاً، وهو ما حدّ من فاعلية التعليم في غرس القيم لدى الناشئة.

ويضاف إلى ذلك التغيرات الاجتماعية والأسرية التي أضعفت دور الأسرة في التنشئة القيمية بسبب التفكك الأسري أو انشغال الوالدين. ونتيجة لذلك، أصبحت المدرسة تتحمل عبئاً مضاعفاً في هذا المجال، رغم أن التربية القيمية تحتاج إلى تكامل الأدوار بين جميع مؤسسات المجتمع.

إنّ مواجهة التشظي القيمي والثقافي في المجتمعات لم يعد ترفاً تربوياً، بل ضرورة وجودية لضمان تماسك الأفراد وحماية الهوية الوطنية والقيم الأصيلة.. فالتعليم، بما يحمله من مسؤولية معرفية وقيمية، يُعدّ الأداة الأبرز لصياغة وعي متوازن قادر على التعامل مع معطيات العولمة دون التفريط في الثوابت.

*باحث في العلوم الإنسانية


مشاركة عبر: