المنصب تكليف وليس تشريفاً

أخبار هنا العالم - عائشة محمد سعيد الملا
المنصب ليس وساماً يُعلّق، ولا «كرسي صالون» يُلمِّع صورة من يرتاده، إنه تكليف ثقيل، ومسؤولية قد تنتزع النوم من عيون أصحابها، فمن يتولى منصباً يصبح رباناً للسفينة: يتلقى الأمواج أولاً، ويحمي «البحّارة» خلفه، ويُحاسب على النتائج قبل غيره.
ما الذي يصنع قائداً جديراً بالمنصب؟ تبدأ الإجابة بالحضور والكاريزما وسعة الأفق، فهي قدرات أولية تُمكّنه من قراءة الموقف ورسم السيناريوهات الممكنة، ثم تأتي قابلية التطوير، فالمنصب مدرسة لمن انفتح على التطور واكتساب المهارات، وتُتمّها القدرة على المواءمة، فقد يأتي القائد من داخل المؤسسة أو من خارجها، وربما يجهل التفاصيل في البداية، لكنه قد يكون الأجدر فكراً وقيادة إذا أحسن توجيه الدفّة واستثمار خبرات الفريق.
أمّا أسباب الفشل فكثيرة، أولها الانشغال بالمظهر: عشق «البِشْت» والكرسي ونسيان جوهر المهمة، يلي ذلك غياب الرؤية والأهداف، فلا يدري إلى أين يقود الفريق، ولا كيف يقيس التقدم، ويضاف إلى ذلك الخنق الإداري حين يتدخّل في صغائر الأمور ويوقع كل ورقة ويُطفئ كل «حريق» بنفسه، ثم يأتي جمود الذات: يطالب فريقه بالتطوير ولا يُلزم ذاته بذلك أولاً.
في المقابل، ثمة مفاتيح عملية للنجاح: تحديد رؤية واقعية وقبول أن بلوغ 80–85% من الهدف باستدامةٍ، أفضل من وهم الكمال، وبناء فريق متنوّع بدل محاولة استنساخ «نسخةٍ من القائد» في كل موقع، ثم الاستثمار الحقيقي في الناس عبر التدريب والترشيح للدورات ودفعهم إلى نيل الشهادات واعتلاء المنصات، ليقودوا إلى جانبه لا خلفه.
المنصب زائل، والسمعة باقية، ما سيُخلّد بعدك هو فريق أقوى، وأنظمة أرسخ، ونتائج تتكرّر من دون حضورك، كن متواضعاً وصادقاً ومرناً، وفوض صلاحياتك ولا تحبس نفسك في تفاصيل تستهلكك وتُرهق فريقك، عندها تترك بصمة القائد لا ظلّ صاحب الكرسي.
عضو سابق في المجلس الوطني الاتحادي
مشاركة عبر:
-
عندما تتحول الطبيعة إلى مصدر دخل… فهل ننتظر أم نبدأ
17/10/2025 00:37
-
إعلام قرار .. أمانة عمّان
17/10/2025 00:37
-
العصف الذهني المجتمعي
17/10/2025 00:37
-
برقية إلى الملك المؤسس .. ارتباط مجيد
17/10/2025 00:37
-
استشهاد القائد يحيى السنوار... الصمت الذي دوّى في قلب الاحتلال
16/10/2025 16:06
-
الشرق الأوسط بين ضباب التسويات ومكر الخرائط
16/10/2025 00:31
-
السياحة العلاجية الأردنية .. من يعيد البوصلة
16/10/2025 00:31
-
النخب السياسية المعلَّبة .. أقنعة الحداثة في مرايا العالم الثالث
16/10/2025 00:31
-
مصافحة باردة تشعل التحليل السياسي: كيف ردّ الملك عبد الله على حماس ترامب في قمة السلام
16/10/2025 00:30
-
الأردن .. الحكمة التي تنحاز للحق دائماً
15/10/2025 01:41