الرجاء الانتظار...

Main Logo
اخبار هنا العالم

الروابدة تكتب: السياحة الزراعية في الأردن رافد للحفاظ على التراث الزراعي


الثلاثاء   01:24   23/09/2025
Article Image

أخبار هنا العالم - المهندسة الزراعية فداء الروابدة

تمثل السياحة الزراعية (Agri-Tourism )أو (Agro-Tourism) جسراً حيوياً بين القطاعين الزراعي والسياحي بما يعزز التنمية المستدامة ويدعم الإقتصاد المحلي،فهي شكل من أشكال السياحة الريفية، يزور فيها السياح المزارع والمناطق الريفية للمشاركة في أنشطة زراعية تقليدية، وإكتشاف الثقافة المحلية، وتجربة الحياة الريفية الأردنية.

تعتبر السياحة الزراعية في الأردن نوع من أنواع السياحة التي تجمع بين الزراعة والسفر،حيث يزور السائحون المزارع والمناطق الريفية والقيام بالمشاركة في الأنشطة الزراعية المختلفة ضمن سلسلة القيمة الإنتاجية للمنتجات الزراعية وحسب الموسم ، والتعرف على الحياة الريفية، وتذوق المنتجات المحلية ،وقد تزايد الإهتمام بهذا النوع من السياحة في الأردن خلال السنوات الأخيرة، كوسيلة لدعم المجتمعات الريفية وتنويع مصادر الدخل في تلك المناطق.
ومن أهم ميزات السياحة الزراعية أن الأردن يتمتع بتنوع مناخي وجغرافي ومناطق الزراعية مختلفة مما يتيح زراعة محاصيل متعددة مثل الزيتون، العنب، الحمضيات، والنخيل والخضروات والفاكهة في مناطق تتميز بخصوبة أراضيها وأنشطتها الزراعية.
وهنا فتحت السياحة الزراعية تجارب مختلفة للسياح مثل قطف الزيتون والمشاركة في عملية عصره،زيارة مزارع النحل وتجربة استخراج العسل، وزيارة مزارع خضروات والمشاركة في قطف الثمار وإعداد الأطباق الشعبية والإقامة في بيوت ريفية تقليدية وتذوق المأكولات المحلية،والمشاركة وتعلم الحرف اليدوية مثل صناعة الصابون أو المربيات والغزل التقليدي وغيرها من الأنشطة.
تتمثل الفوائد الإقتصادية للسياحة الزراعية من خلال المساهمة في توفير دخل إضافي للمزارعين والتشجيع على الحفاظ على التراث الثقافي والزراعي إضافة إلى تحفيز الصناعات المحلية (منتجات غذائية، حرف يدوية)،وتعزيز فرص العمل في المناطق الريفية. أما الفوائد الإجتماعية فتتمثل في تعزيز الترابط الإجتماعي والحفاظ على العادات والتقاليد الزراعية عدا عن فوائدها البيئية الهامة بدعم الزراعة العضوية ورفع الوعي البيئي لدى الزوار .وهناك أمثلة عديدة على مشاريع السياحة الزراعية في الأردن أطلقتها الكثير من الجمعيات الزراعية والتعاونية والخيرية في مناطقها لخدمة للمجتمع المحلي والحفاظ على التراث وعلى سبيل المثال لا الحصر منها جمعية سيدات الرفيد في محافظة اربد تتيح الفرصة للزوار لقطف وتجهيز أنواع الطعام التقليدية وقضاء أوقات ممتعة للعائلات بإطلالة سياحية مميزة والحصول على منتجات تراثية للذكرى وجمعية درب النور للتنمية المجتمعية في محافظة جرش وهي جمعية شبابية تعنى بأمور الشباب بمشاريع تعزيز الصمود في الأرياف وجمعية بادري للتنمية والتأهيل الخيرية في محافظة العاصمة لدعم السيدات والمجتمع المحلي بقيمة مضافة لمكونات المجتمع من أهدافها التنمية والتأهيل وتمكين المرأه والشباب والمحافظة على البيئة والمناخ ونشر ثقافة أعادة التدوير ورفع الوعي الشبابي والحوكمه الرشيدة وخلق فرص تشغيليه للشباب والمرأة، وجمعية كفرسوم التعاونية الزراعية لمنتجي الرمان في محافظة اربد نموذج ناجح ومميز وخبرة في العطاء وعطاء في الخبرة لكثير من المنتجات الزراعية ووجهة سياحية رائعة وجمعية الجوهرة الخيرية في محافظة معان وهي قصة نجاح وإنجاز تروى للأجيال.عدا عن مزرعة الأزرق البيئية التي تقدم جولات بيئية وتعليمية حول الزراعة المستدامة والطاقة المتجددة، مزارع الريف الأخضر في محافظة عجلون تستقبل الزوار للمبيت والمشاركة في أنشطة الزراعة التقليدية، مبادرة مشروع درب الزيتون في لواء الكورة وهي مسار سياحي بيئي تمر في قرى تنتج الزيتون وهي مبادرة للترويج لزراعة الزيتون كمورد سياحي وثقافي،مزرعة أرض السلام في محافظة مادبا تفتح المجال أمام الزوار للمشاركة في صناعة المربيات والصابون من مواد طبيعية.
أما الأمثلة العربية والعالمية على السياحة الزراعية الناجحة فعلى سبيل المثال توجد في المملكة العربية السعودية واحة الإحساء وهي مدرجة ضمن التراث العالمي حيث تقدم جولات في مزارع النخيل وتجربة الحياة الريفية،وفي منطقة عسير والباحة تركز السياحة على زراعة البن والأنشطة التراثية، أما في المملكة المغربية فقد تم إقامة مشاريع سياحية في مناطق الأطلس المتوسط والأطلس الكبير تشمل تربية الماشية، الزراعة العضوية، والطهي التقليدي. وتعتبر إيطاليا من أشهر الدول التي طورت السياحة الزراعية حيث تقدم إقامة في مزارع "Agriturismo"، تشمل دروس طبخ وتذوق العصير وحصاد العنب والزيتون. وفي اليابان اعتمدت السياحة الزراعية التعليمية مثل قطف الفراولة والأرز والإقامة لدى عائلات ريفية (Minpaku) لتجربة الثقافة والزراعة المحلية.وفي الولايات المتحدةالامريكية هناك مزارع تفتح أبوابها للزوار خلال موسم الحصاد للمشاركة في حصاد اليقطين والذرة ومزارع الألبان العضوية والتي تسمح بتجربة عملية الحلب وصنع الأجبان ضمن شروط صحية عالية.
رغم كل ما ذكر إلا أن هناك تحديات تواجه السياحة الزراعية في الأردن أهمها نقص الوعي لدى بعض المزارعين بأهمية السياحة الزراعية وضعف البنية التحتية في بعض المناطق الريفية من طرق ومواصلات وخدمات أساسية إضافة إلى الحاجة إلى تشريعات ودعم حكومي أكبر في التدريب والترويج والتسويق.ويمكن التغلب على هذة التحديات لتطوير السياحة الزراعية بتدريب المزارعين على طرق الضيافة والإدارة السياحة،وتحسين البنية التحتية في المناطق الريفية،مع ضرورة دعم الحكومة وتمويل مشاريع صغيرة وتسويق رقمي فعّال عبر مواقع التواصل والمنصات السياحية وأخيراً إنشاء مسارات زراعية سياحية تربط بين مزارع ومنتجات محلية.
في الخلاصة
السياحة الزراعية تمثل تكامل قطاعين مهمين وفرصة واعدة لتعزيز التنمية الريفية المستدامة في الأردن حيث تجمع بين الزراعة والثقافة والترفيه والبيئة والسياحة والميزة الجغرافية للمملكة تسمح بإنشاء مواقع سياحية زراعية رائدة مبتكرة كبيرة وتوجد تجارب محلية ناجحة وعالمية ملهمة وبذلك من المؤكد أن السياحة الزراعية تصبح رافداً للحفاظ على التراث الزراعي وتنمية المجتمعات المحلية الريفية.


مشاركة عبر: