الرجاء الانتظار...

Main Logo
اخبار هنا العالم

قبل أن تفكر في الهجرة


الاثنين   00:12   22/09/2025
Article Image

أخبار هنا العالم - محمد نجيب*
تشهد محاكم الدولة بين الحين والآخر قضايا متعلقة بشركات تقدم خدمات استشارات الهجرة، إذ يدفع الراغبون في ذلك مبالغ كبيرة على أمل السفر إلى كندا أو أستراليا أو غيرهما، ثم تتحول الأحلام إلى نزاعات قانونية حين لا تتحقق النتائج المتوقعة.

من القضايا ذات الصلة، شخص عربي راوده حلم الهجرة إلى إحدى الدول، وتواصل مع شركة متخصصة في تقديم تلك الخدمات، وسدد لها نحو 50 ألف درهم، لكن تبخر الحلم والأموال أيضاً، فأقام دعوى مدنية، طلب بموجبها إلزام الشركة برد المال بحجة الإخلال بالتزاماتها.

وأحالت المحكمة الدعوى إلى الخبير الذي انتهى إلى أن فشل المعاملة يرجع لعدم اجتياز المدعي اختبار اللغة (آيلتس)، وهو شرط أساسي لإكمال الملف، وليس تقصيراً من الشركة.

هذه الحالة متكررة، وتفتح باب النقاش حول طبيعة العلاقة بين العميل وشركة الهجرة. هل هي التزام بتحقيق نتيجة (أي ضمان السفر) أم مجرد التزام ببذل عناية (أي تقديم الاستشارات والإجراءات الممكنة دون ضمان النتيجة)؟

المحاكم في أغلب الأحوال تميل إلى اعتبارها التزاماً ببذل عناية، لأن شروط الهجرة تخضع لقوانين دول أخرى وجهات لا تملك الشركة السيطرة عليها، مثل السفارات أو اختبارات اللغة.

غير أن الإشكالية تتعقد عندما يلجأ العملاء لاتهام الشركات بالاحتيال أو التزوير، كما فعل المدعي في هذه القضية، إذ طلب توجيه اتهام جزائي ضد الشركة، ما يعكس الخلط بين ما هو مدني وما هو جنائي، فالمحاكم المدنية تنظر في العقود والمسؤوليات المالية، بينما يبقى الاختصاص في تحريك الدعوى الجزائية حصراً للنيابة العامة.

هذه النزاعات تكشف عن حاجة ملحّة لمزيد من التنظيم والرقابة على سوق خدمات الهجرة، خصوصاً أن كثيراً من الأفراد يدفعون مدخراتهم طمعاً في مستقبل جديد بالخارج، ومن ثم فإن الشفافية في العقود، وإدراك أن الشركة لا تملك ضمان النتيجة بل تقتصر مهمتها على تسهيل الإجراءات، ثقافة من شأنها تقليل حجم النزاعات.

في النهاية، تبقى النصيحة الذهبية، على العملاء قراءة العقود جيداً والتأكد من التزامات الشركة، وعلى الشركات الالتزام بالشفافية وتقديم صورة واقعية عن فرص الهجرة، فبين الأمل والواقع هناك دائماً خط رفيع، وإذا لم يُرسم بوضوح فقد ينتهي الأمر في أروقة المحاكم بدلاً من بوابات المطارات، ولا يتحقق حلم يعتقد البعض أنه مضمون.

*محكم ومستشار قانوني


مشاركة عبر: