طفلة أردنية تحدّق مطولاً في شاشة هاتفها.. بني مصطفى تحذر وتكتب: التعلق غير الآمن بالمشاهير

أخبار هنا العالم - في إحدى الأمسيات، جلست طفلة في الثانية عشرة من عمرها تحدّق مطولاً في شاشة هاتفها، تتابع مقطع فيديو قصير لمغنيها المفضل. لم تلاحظ مرور الوقت، ولم تستمع لنداء والدتها لتناول الطعام. كان كل تركيزها منصبّاً على تفاصيل حياة ذلك النجم، وكأنها تعيش معه لحظة بلحظة.
هذه القصة الصغيرة ليست حالة فردية، بل هي انعكاس لظاهرة متنامية يعيشها معظم الأطفال والمراهقات اليوم في ظل اتساع نطاق الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي. لقد أصبح المشاهير جزءاً محورياً من حياتهم اليومية، يخلق هذا الانجذاب حالة من التماهي النفسي والرمزي مع هؤلاء النجوم، قد تؤثر بشكل مباشر في تكوين الهوية، وتصورات الذات، والأنماط السلوكية
تشير نظريات النمو النفسي، خاصة نظرية إريكسون في تطور الهوية، إلى أن المراهقة تمثل مرحلة حاسمة في البحث عن الانتماء وبناء صورة الذات. في هذه المرحلة، يلعب المشاهير دور “النماذج الرمزية” التي تُلهم المراهقات وتوفر لهن بديلاً مؤقتاً عن العلاقات الواقعية. أما لدى الأطفال، فإن الإعجاب بالمشاهير يرتبط بعملية النمذجة كما شرح باندورا (1977)، حيث يقوم الطفل بتقليد السلوكيات والأدوار التي يراها ناجحة وجذابة.
-البعد النفسي
• الحاجات العاطفية: المشاهير يلبّون الحاجة إلى الشعور بالانتماء، خاصة عندما يعجز المحيط الأسري أو القريني عن ذلك.
• الإعجاب المثالي اوالإعجاب بالصورة المثالية النجم يُمثل صورة مثالية تعكس طموحات المراهق أو رغباته المكبوتة، وفقاً لآليات الإسقاط في التحليل النفسي.
• الهروب من الواقع: متابعة حياة المشاهير تمنح الأطفال والمراهقات فرصة للتعويض النفسي والهروب من ضغوط الواقع اليومي.
-البعد الاجتماعي والثقافي
• وسائل الإعلام: الانفتاح الرقمي جعل الوصول إلى تفاصيل حياة النجوم سهلاً، مما عزّز شعور “القرب الوهمي.
• القيم المجتمعية: في المجتمعات التي تُمجّد المال أو المظهر أو الشهرة، يزداد الانجذاب للمشاهير باعتبارهم تجسيداً لهذه القيم.
• تأثير الأقران: متابعة المشاهير قد تتحول إلى معيار للانتماء مع الأصدقاء ، مما يضاعف من قوة التعلق بالنجم.
-الآثار النفسية والسلوكية
• على الصعيد الإيجابي : يمكن للإعجاب عند البعض أن يحفّز الطموح، ويُنمّي المواهب، ويُعزز الدافعية نحو النجاح.
• على الصعيد السلبي: المبالغة في التعلق قد تؤدي إلى ضعف الثقة بالنفس، المقارنة غير الواقعية، أو الإدمان على المتابعة الافتراضية، وهو ما قد يُعرقل بناء الهوية السليمة.،إذا ازداد التعلق بالمشاهير و لاحظ الأهل بانه أصبح تعلق غير آمن وغير صحي
وأصبح هناك هوس عند الطفل او المراهقين.
لابد من مراجعه الأخصائي نفسي والطبيب النفسي.
إن الانجذاب للمشاهير لدى الأطفال والمراهقين ظاهرة طبيعية لها جذور نمائية ونفسية واجتماعية. غير أنّ خطورتها تكمن في تحولها إلى بديل عن العلاقات الواقعية، والى حالة من هوس والتقليد أو إلى مصدر للمقارنات السلبية المؤثرة في تقدير الذات. من هنا، تبرز الحاجة إلى توعية الأهل والمربين بطرق التعامل مع هذه الظاهرة، من خلال الحوار المفتوح، وتشجيع الأبناء على بناء هوية واقعية متوازنة
من خلال الأهل و المدارس والجامعات
ووسائل الإعلام.
د. مرام بني مصطفى
اخصائيه نفسيه وتربوية
مشاركة عبر:
-
عندما تتحول الطبيعة إلى مصدر دخل… فهل ننتظر أم نبدأ
17/10/2025 00:37
-
إعلام قرار .. أمانة عمّان
17/10/2025 00:37
-
العصف الذهني المجتمعي
17/10/2025 00:37
-
برقية إلى الملك المؤسس .. ارتباط مجيد
17/10/2025 00:37
-
استشهاد القائد يحيى السنوار... الصمت الذي دوّى في قلب الاحتلال
16/10/2025 16:06
-
الشرق الأوسط بين ضباب التسويات ومكر الخرائط
16/10/2025 00:31
-
السياحة العلاجية الأردنية .. من يعيد البوصلة
16/10/2025 00:31
-
النخب السياسية المعلَّبة .. أقنعة الحداثة في مرايا العالم الثالث
16/10/2025 00:31
-
مصافحة باردة تشعل التحليل السياسي: كيف ردّ الملك عبد الله على حماس ترامب في قمة السلام
16/10/2025 00:30
-
الأردن .. الحكمة التي تنحاز للحق دائماً
15/10/2025 01:41