احتواء الأبناء .. ثقة تصنع الغد

أخبار هنا العالم - الدكتورة سميرة النعيمي
إن التربية ليست مجرد تعليم أو توجيه، بل هي قبل كل شيء احتواء، فالأبناء في مختلف مراحلهم العمرية يحتاجون إلى من يفهم مشاعرهم، ويستمع إليهم بصدق، ويمدّ لهم يد الأمان. هذا الاحتواء هو الذي يصنع التوازن النفسي، ويمنحهم الثقة بأن لهم سنداً قوياً يحميهم ويرشدهم.
إن دور أولياء الأمور والتربويين لا يقتصر على حثّ الأبناء على التميز في التحصيل الدراسي، بل يمتد إلى أن نكون نحن قدوة لهم في التعلم والعمل والتخلق بأخلاقنا والتمسك بهويتنا، فالقدوة الصادقة أبلغ من أي توجيه، وهي التي تزرع في نفوس الأبناء الثقة لاستمرارهم في مسيرة الاستكشاف والتجربة والعمل على تطوير أنفسهم.
ولا يقتصر الاحتواء على التوجيه، بل يشمل أيضاً إعطاء الأبناء الفرص للتعبير عن مكنوناتهم وما يواجهونه، وما يدور في خواطرهم، فحين نصغي إليهم بصدق نفتح لهم المجال ليكتشفوا ذواتهم، ونساعدهم على تطوير قدراتهم، فينشأ جيل أكثر استقراراً وتوازناً، وأقوى في مواجهة تحديات المستقبل.
ومن النماذج المضيئة التي يمكن أن نستحضرها، نهج الوالد صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي جسّد معنى الأب الحاني والقائد الملهم، فهو قدوتنا في التواضع والاستماع لأبنائنا والحرص على تمكينهم.
هذا النهج هو رسالة لنا جميعاً بأن الاحتواء لا يعني الحماية فقط، بل التمكين، وغرس الثقة، وفتح الآفاق للأبناء ليستشرفوا مستقبلهم بثقة واعتزاز.
إن التربية بالاحتواء تعني أن نصغي أكثر مما نتحدث، وأن نفهم احتياجات أبنائنا قبل أن نفرض عليهم الشروط، وأن نكون معهم لا عليهم. وحين نغرس فيهم قيم العمل والرحمة وروح المبادرة، نُمكّنهم من استشراف المستقبل بإيجابية.
فلنكن جميعاً ـ أولياء أمور وتربويين ومجتمعاً ـ أوعية رحيمة تحتوي الأبناء، ونماذج حقيقية تُعلّمهم بالقدوة، لا بالكلمات فقط، فبقدر ما نتيح لهم التعبير ونمنحهم الاحتواء نصنع أجيالاً متماسكة قادرة على بناء مستقبل آمن لمجتمعنا.
*نائب مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية - قطاع الخدمات المساندة
مشاركة عبر:
-
عندما تتحول الطبيعة إلى مصدر دخل… فهل ننتظر أم نبدأ
17/10/2025 00:37
-
إعلام قرار .. أمانة عمّان
17/10/2025 00:37
-
العصف الذهني المجتمعي
17/10/2025 00:37
-
برقية إلى الملك المؤسس .. ارتباط مجيد
17/10/2025 00:37
-
استشهاد القائد يحيى السنوار... الصمت الذي دوّى في قلب الاحتلال
16/10/2025 16:06
-
الشرق الأوسط بين ضباب التسويات ومكر الخرائط
16/10/2025 00:31
-
السياحة العلاجية الأردنية .. من يعيد البوصلة
16/10/2025 00:31
-
النخب السياسية المعلَّبة .. أقنعة الحداثة في مرايا العالم الثالث
16/10/2025 00:31
-
مصافحة باردة تشعل التحليل السياسي: كيف ردّ الملك عبد الله على حماس ترامب في قمة السلام
16/10/2025 00:30
-
الأردن .. الحكمة التي تنحاز للحق دائماً
15/10/2025 01:41