الرجاء الانتظار...

Main Logo
اخبار هنا العالم

الحاكم المعلم


السبت   00:19   20/09/2025
Article Image

أخبار هنا العالم - د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد
ما أعظمَ المرء حينما يكون حاكماً ومُعلِّماً! مع أن حكمه يشغله عن التعليم، وتعليمه يشغله عن الحكم، فإذا استطاع أن يجمع بينهما فهو عظيم حقاً، وهذا ما انفرد به في عصرنا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، فانظر إلى هذه المهام الجسام، ومع ذلك هو معلم ماهر، وملهم باهر، أرأيتَ كم اعتنى بالقرآن! وكم اعتنى بالثقافة! وكم اعتنى بالقراءة! وكم اعتنى باللغة العربية! وكم اعتنى بالمعرفة! وكم اعتنى بالإنسانية أحياءً وأمواتاً! وكم اعتنى بالابتكار! وكم اعتنى بالفروسية! وكم اعتنى بالتكنولوجيا! وكم اعتنى بالذكاء الاصطناعي! وكم اعتنى بالبرمجة...!

ومع ذلك فهو ملهم الاقتصاد والتجارة، فضلاً عن السياسة الحكيمة، وها هو، حفظه الله، يضع كتابه الأخير «علمتني الحياة» ليكون كتاب تعليمٍ ممن علم وعمل، كتاباً يظهر صفحات حياته العملية منذ ستين سنة، ومازالت أفكاره العلمية تنهمر وتضيء السبيل لمن أراد أن يستضيء، وقديماً قال الشاعر:

أخو خمسين مجتمعٌ أشدي*

ونجَّذني مداورة الشؤون.

ونقول لهذا الشاعر: أنعم بالخمسين، ولكن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أخو ستين في الشؤون العامة والخاصة، يقول لنا: إن تجربتي في الحياة هي سر نجاح دبي والإمارات، إن تجربتي في الحياة هي الإخلاص في العمل، والأمانة في الأداء، والصدق في التعامل، والوفاء بالالتزام، والكرم في العطاء، والسبق إلى المعالي، والطموح غير المتناهي، وعدم قبول التثبيط، والاعتماد على النفس وعلى الفريق المخلص الفاهم المثابر، والثبات على الدين، والحفاظ على التراث، والالتزام بالعادات، والسعي لنفع الناس، والمسارعة لإغاثة المنكوبين، والمبادرة إلى الخيرات، وتأسيس العمل الخيري المستدام، والإصغاء إلى ذوي الحاجة، وإنصاف المظلوم، وترسيخ النظام، وتثبيت القانون، وإشاعة العدالة، وإكرام المتميزين، والوفاء للمخلصين السابقين.. إلى غير ذلك مما يراه الناس في واقع حياتي رأي العين.

هذه مدرسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد التي يعرفها الناس في واقعه قبل أن يقرأوا كتابه الميمون، وهي المدرسة التي وضع قواعدها المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراهما، وهي التي يسير على نهجها أبناؤهما البررة الكرام، فنقلوا الإمارات في نحو خمسة عقود إلى القمة التي لم تصل إليها الدول والشعوب على مدى قرون، هذه هي المدرسة المنظورة قبل المقروءة، التي يطمح سموه أن يتخرج منها من يقرأ صفحات كتبه، ويرى صفحات بلده، لعل الله تعالى أن يلهم من يقرأ ويرى حتى يكونوا قادة نافعين، يسجلهم التاريخ عظاماً كما سجل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد وأسلافه العظام.

*كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي


مشاركة عبر: