مجزرة صبرا وشاتيلا .. شهادة على فشل العدالة

أخبار هنا العالم - بقلم يوسف الفقهاء
في منتصف أيلول/سبتمبر 1982، تحوّل حيّان فقيران في جنوب بيروت إلى مسرح لواحدة من أبشع مذابح الحرب اللبنانية: مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا. خلال أيام معدودة، سُحِقت حياة مئات وربما آلاف المدنيين — منهم لاجئون فلسطينيون وسكان لبنانيون — في عملية اتسمت بالعنف المنظم والتخطيط المسبق، وما تبعها من سنوات من الجدل حول المسؤوليات والمحاسبة.
ما حدث؟
بين 16 و18 سبتمبر 1982، وبعد اغتيال الزعيم اللبناني بشير الجميل، دخلت مجموعات مسلحة لبنانية إلى مخيّم شاتيلا ثم امتدّت أعمال القتل إلى حيّ صبرا المجاور. التقديرات في التقارير تتفاوت: بعضها يقدّر عدد الضحايا بما بين 1,300 و3,500، بينما تشير شهادات وشهادات صحفيين وناجين إلى أرقام وأوصاف مروعة للعنف الذي وقع داخل الشوارع والمنازل.
من يتحمّل المسؤولية؟
التحقيقات اللاحقة والقرارات الرسمية خلّفت سجالاً واسعاً. لجنة إسرائيلية داخلية (لجنة كاهان) وجدت أن دور إسرائيل في توفير الحماية والرقابة لعمليات الدخول إلى المخيم قد أتاح وقوع المجزرة وأدانت مسؤولين سياسيين وعسكريين إسرائيليين لعدم اتخاذ خطوات كافية لمنعها. في المقابل، تقارير حقوقية ودولية رصدت مشاركة وتنفيذًا فعليًا للمليشيات اللبنانية المدجّجة بالسلاح داخل المخيمات.
شهادات الناجين والصحافة
قُدِّمت للقارئ العالمي تقارير صحفية استثنائية رصدت رائحة الجثث واندفاع الناجين، وذكّرت الصحافة بواجب التوثيق أمام محاولات النسيان. صحفيون مثل روبرت فيسك وغيرهم زاروا المكان وكتبوا تقارير استقصائية أضفت بعدًا شخصيًا إلى سردية الأحداث، بينما استمرّت منظمات حقوقية في جمع الشهادات وتوثيق الانتهاكات.
أثر المجزرة وغياب العدالة
على مرّ العقود، بقيت ذكرى المجزرة علامة سوداء في ذاكرة المنطقة. رغم التقارير والتحقيقات، لم تُسطّر محاكمات دولية أو محلية شاملة تضع نهاية حاسمة لتساؤلات الضحايا وذويهم. ما زال الكثير من الناجين يعانون من أثر الفقد والصدمة، بينما تحوّلت القصص العائلية إلى شهادات تُحفظ من أجل الذاكرة والتذكير بضرورة المساءلة.
لماذا يهمّنا اليوم؟
التذكّر ليس ترفًا: هو شرط لإنصاف الضحايا ومنع تكرار الكوارث. توثيق الأحداث، استحضار الشهادات، ومتابعة مسارات المساءلة القانونية والسياسية تمثّل أدوات ضرورية لأي مجتمع يريد أن يتعامل مع ماضٍ عنيف بصدق. كما أن الصحافة الحرة والبحث التاريخي يضخان وعيًا عاماً يربط بين ما حدث وبين تطوّرات الصراع الأوسع.
مشاركة عبر:
-
عندما تتحول الطبيعة إلى مصدر دخل… فهل ننتظر أم نبدأ
17/10/2025 00:37
-
إعلام قرار .. أمانة عمّان
17/10/2025 00:37
-
العصف الذهني المجتمعي
17/10/2025 00:37
-
برقية إلى الملك المؤسس .. ارتباط مجيد
17/10/2025 00:37
-
استشهاد القائد يحيى السنوار... الصمت الذي دوّى في قلب الاحتلال
16/10/2025 16:06
-
الشرق الأوسط بين ضباب التسويات ومكر الخرائط
16/10/2025 00:31
-
السياحة العلاجية الأردنية .. من يعيد البوصلة
16/10/2025 00:31
-
النخب السياسية المعلَّبة .. أقنعة الحداثة في مرايا العالم الثالث
16/10/2025 00:31
-
مصافحة باردة تشعل التحليل السياسي: كيف ردّ الملك عبد الله على حماس ترامب في قمة السلام
16/10/2025 00:30
-
الأردن .. الحكمة التي تنحاز للحق دائماً
15/10/2025 01:41