الرجاء الانتظار...

Main Logo
اخبار هنا العالم

براءة مستهدفة!


الأحد   01:33   14/09/2025
Article Image

أخبار هنا العالم - محمد نجيب*
طفل بريء في الثانية عشرة من عمره، يجري إلى غرفته فور عودته من المدرسة ليغرق في لعبته الإلكترونية المفضلة دون مقاطعة تذكر من والديه اللذين يشعران بالامتنان لجهاز البلايستيشن والتقنيات الترفيهية الحديثة التي خففت عنهما صداع ابنهما المدلل، غير مدركين أن هناك بوابة مفتوحة في تلك الغرفة على عالم بالغ الخطورة.

الطفل تعرض للاستدراج على يد شخص بالغ، أوهمه بأنه في مثل عمره، وطلب منه صوراً شخصية، واستغلها في تهديده وابتزازه، وتم القبض على المجرم لاحقاً، لكن اللافت في هذه القضية المهمة أن المحكمة وجهت اللوم لوالد الطفل، واعتبرت أن إهماله في مراقبة استخدام الطفل للإنترنت يمثل تقصيراً واضحاً وسبباً رئيساً في وقوع الجريمة.

في الوقت الراهن لم يعد الإهمال مقتصراً على ترك الطفل في الشارع دون رقابة، بل امتد ليأخذ نمطاً أكثر خطورة، وهو إهمال متابعة نشاطه الإلكتروني.

قصص الابتزاز الإلكتروني للأطفال لم تعد خيالاً، فالقضية السابقة تتكرر في كل دول العالم، يتعرض الطفل للاستدراج بخطوات محسوبة من مختل مجهول، يحصل من ضحيته على صور أو معلومات شخصية، ثم يبدأ التهديد، وفي لحظة تتحول اللعبة من تسلية بريئة إلى كابوس يطارد الأسرة بأكملها.

المشرع الإماراتي تنبه لذلك، فجاء «قانون وديمة» لعام 2016 ليُلزم الأسرة بحماية أطفالها من أي إهمال، بما في ذلك الإهمال الإلكتروني، كما شدّد قانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية لعام 2021 على تجريم استغلال الأطفال عبر الشبكة، واضعاً عقوبات رادعة لمن يقترب من هذه المنطقة المحرمة.

الخبراء يحذرون من أن ترك الطفل يتصفح الإنترنت دون إشراف أشبه بتركه يعبر شارعاً مزدحماً دون أن تمسك بيده، فالمخاطر لا تُرى، لكنها حاضرة، ابتزاز، تنمّر، محتويات غير لائقة، أو حتى استغلال مالي.

المطلوب اليوم ليس فقط وضع «قيود تقنية» مثل برامج المراقبة أو تحديد وقت استخدام الأجهزة، بل بناء حوار صريح مع الأطفال، وتوعيتهم بكيفية حماية أنفسهم، وإقناعهم بأن العالم الافتراضي ليس آمناً كما يبدو.

وإذا كان الإهمال في الماضي يعرّض الطفل لخطر جسدي يمكن رؤيته، فإن إهمال الرقابة الإلكترونية اليوم قد يزرع في داخله جروحاً نفسية لا تُشفى بسهولة.

*محكم ومستشار قانوني


مشاركة عبر: