اللوبي الإسرائيلي: بنية النفوذ وتحولات الاستراتيجية من لندن إلى واشنطن

أخبار هنا العالم - يمثل اللوبي الإسرائيلي، لا سيما في الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، قوة ضغط سياسية مؤثرة تثير جدلاً واسعاً حول تأثيرها العميق على صُنع القرار، لا سيما في ما يتعلق بالسياسات الخارجية ومفاهيم المصلحة العامة. وتكمن خطورة هذا اللوبي في قدرته على حشد الدعم المالي والسياسي لتمرير أجندات منحازة بالكامل لإسرائيل، حتى وإن تعارضت مع القانون الدولي أو المصالح السيادية للدول المضيفة.
وفي السياق الراهن، يعمل اللوبي الصهيوني في واشنطن بشكل متسارع على الترويج لفكرة تهجير سكان قطاع غزة، وهي الفكرة ذاتها التي سبق أن طرحها الرئيس السابق دونالد ترامب. ويسعى اللوبي إلى تأطير هذا المقترح ضمن أبعاد قانونية وإنسانية وأمنية، لتسهيل قبوله كخيار "عملي" و"نهائي"، على حساب الحلول القائمة على الحفاظ على الوجود السكاني الفلسطيني في القطاع، والتي تدعمها المبادرات العربية والدولية الساعية إلى إعادة إعمار غزة دون المساس بحقوق سكانها الأصليين.
تُنفّذ هذه المساعي عبر أدوات متعددة، من بينها مراكز الأبحاث، ومنصات الإعلام، وخبراء ومسؤولون سابقون يقدمون الطرح على أنه قانوني وإنساني، بل وضروري. ويجري الترويج لما يُعرف بـ"إعادة التوطين الطوعي" باعتباره حلاً سلمياً لأزمة غزة، في حين يراه معارضو هذا الخطاب محاولة منهجية لتفريغ القطاع من سكانه، تحت غطاء قانوني مزيف.
هذه المنهجية ليست وليدة اللحظة، بل تعود جذورها إلى بدايات المشروع الصهيوني، كما يكشف المؤرخ الإسرائيلي البارز إيلان بابيه في كتابه "اللوبي الصهيوني على ضفتي الأطلسي"، حيث يُوضح أن هذه القوة لم تُبنَ بين عشية وضحاها، بل تطورت منذ أواخر القرن التاسع عشر من خلال تحالفات استراتيجية ربطت المشروع الصهيوني بالمصالح الكبرى للإمبراطوريات الغربية، بدءاً من بريطانيا، وصولاً إلى الولايات المتحدة.
ويؤكد بابيه أن نقطة التحول الحاسمة كانت في "وعد بلفور" عام 1917، الذي جاء نتيجة ضغط دبلوماسي ممنهج قاده حاييم وايزمان لإقناع لندن بأن إقامة وطن قومي لليهود تخدم أهدافها الاستعمارية. ومع انتقال مركز الثقل إلى واشنطن بعد الحرب العالمية الثانية، تم تتويج هذا التحول بمؤتمر "بيلتمور" عام 1942، حيث انتقل اللوبي من خطاب ثقافي غامض إلى تبنٍّ علني لمطلب إقامة دولة يهودية، ما مهد الطريق لما بات يُعرف بـ"العلاقة الخاصة" بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
وفي حوار مع الجزيرة نت، يؤكد بابيه أن اللوبي الصهيوني لم يكن في بدايته حركة يهودية خالصة، بل تحالفاً ثلاثي الأركان بين المسيحيين الإنجيليين، والإمبرياليين البريطانيين، وأقلية من النشطاء الصهاينة في أوروبا، هدفهم تحويل فكرة دينية إلى مشروع سياسي استعماري يُسهم في حل "المسألة اليهودية" الأوروبية على حساب الشعب الفلسطيني.
ويكشف بابيه عن استراتيجية اللوبي، التي قامت على ثلاثة محاور مركزية: التأثير على المسار السياسي من خلال التمويل والولاء، والتحكم في الخطاب الإعلامي، وتوظيف القوة المالية كأداة ضغط مزدوجة. ويبرز دور اللوبي في محطات تاريخية مفصلية، كتمرير قرار التقسيم عام 1947، وضمان التفوق العسكري الإسرائيلي في نكبة 1948، وتحويل نتائج حرب 1967 إلى مكاسب استراتيجية دائمة لإسرائيل.
كما يشير بابيه إلى أن تأسيس "إيباك" وتحالفها مع اليمين الإسرائيلي والصهاينة المسيحيين، مثّل منعطفاً جديداً حول اللوبي إلى أداة حزبية فاعلة ضد مشاريع التسوية. ورغم استمرار نفوذه، يواجه هذا اللوبي اليوم تحديات كبيرة تتعلق بتآكل شرعيته الأخلاقية، وتراجع قبوله في أوساط الشباب والأكاديميين ووسائل الإعلام البديلة، مما اضطره إلى الاستعانة بالقوة التشريعية لمحاصرة حركات المقاطعة والتضامن مع فلسطين، كدليل على تراجع قدرته الإقناعية التقليدية.
مشاركة عبر:
-
"الآن ناشرون وموزعون" تُطلق جائزة سميحة خريس للرواية الأولى عمّان
15/10/2025 13:39
-
اتحاد الكتاب يحتفل بتسليم جوائز مسابقاته في حقول الإبداع الأدبي
14/10/2025 13:13
-
سينما "شومان" تعرض الفيلم الفرنسي "امرأة عجوز سيئة السمعة" غدا
13/10/2025 19:39
-
الملتقى الأردني للخط العربي والزخرفة الإسلامية يفتتح معرض الخط العربي
13/10/2025 19:37
-
41 دار نشر أردنية تشارك في معرض النيابة العامة الدولي للكتاب في ليبيا
13/10/2025 17:15
-
الأحمد يرعى حفل تخريج طلبة مركز الفنون في مادبا
12/10/2025 17:46
-
حكمت الثقافة تكرّم غازي خطاب
12/10/2025 17:45
-
مؤسسة "شومان" تطلق منصة "أزرق" للمحتوى العربي
12/10/2025 14:29
-
صدور النسخة الإنجليزية من كتاب "علمتني الحياة" لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم
11/10/2025 00:12
-
عمل أدبي أردني ينشر على صفحات المكتبة الرقمية لليونسكو.
09/10/2025 19:13