الرجاء الانتظار...

Main Logo
اخبار هنا العالم

الإعلام المسؤول.. حصن الوعي


الأربعاء   00:29   10/09/2025
Article Image

أخبار هنا العالم - عمر عبدالله الشبلي
الإعلام ليس مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل هو عقل المجتمع ولسانه، به تُبنى العقول وتُشكَّل القيم وتُصان الأوطان، وحين يفقد الإعلام مسؤوليته، يتحول من أداة تنوير إلى أداة هدم، ومن منبر وعي إلى ساحة ضجيج. والخطر هنا أن أثر الإعلام لا يتوقف عند حدود المعلومة، بل يمتد ليصنع رأياً عاماً يوجه الأفراد والمجتمعات، ولذلك فإن الحديث عن الإعلام اللامسؤول ليس ترفاً فكرياً، بل قضية تمس الأمن الوطني والوعي المجتمعي مباشرة.

من علامات الإعلام اللامسؤول نشر الشائعات والأخبار غير الموثوقة، حيث يلهث بعض الإعلاميين وراء السبق الصحفي ولو على حساب الحقيقة، ومع كل إشاعة تُبث، تتزعزع الثقة، ويُفتح الباب أمام الارتباك والقلق في المجتمع، كما يتجلى في المبالغة والتهويل، حين تتحول المعلومة الصغيرة إلى أزمة كبرى، ويُستبدل الوعي بالإثارة، هذا النوع من الخطاب يجعل الإعلام أداة لصناعة الخوف بدل أن يكون جسراً لفهم الواقع.

أما الخطر الأعظم فهو خطاب الكراهية وتفكيك المجتمع، حين يُستغل الإعلام لزرع الانقسامات، عبر رسائل تُغذّي الأحقاد، وتدفع الناس للنظر إلى بعضهم بعضاً بعيون الريبة بدلاً من الثقة.

إن خطاب الكراهية لا يكتفي بتشويه صورة الآخر، بل يعمل على هدم الجسور التي تربط الناس بعضهم ببعض، ويُحوّل التنوع إلى صراع، والاختلاف إلى معركة.

وإذا ما تسلل هذا الخطاب عبر الإعلام، فإنه لا يهدد اللحظة الراهنة فحسب، بل يزرع بذوراً سامة قد تنمو مع الزمن لتفكك النسيج الاجتماعي، وتضعف الولاء والانتماء الوطني.

وهنا تبرز خطورة الإعلام اللامسؤول الذي يقدّم خطاب الكراهية في قوالب جذابة، فيغدو سلاحاً ناعماً يخترق البيوت والعقول دون مقاومة.

لذا، فإن التصدي له لا يكون فقط عبر القوانين الرادعة، بل أيضاً عبر وعي مجتمعي يرفض هذا النوع من الخطاب، ويعلي قيم التسامح والتلاحم التي يقوم عليها الوطن.

إن الإعلام المسؤول هو حصن الوعي ومنبر الحقيقة، أما اللامسؤول فهو بداية الانحدار وفقدان الثقة. لذلك، فإن حماية الإعلام من الانزلاق واجب وطني، ومسؤولية مشتركة بين الإعلاميين والمؤسسات والمجتمع، لأن الكلمة أمانة، والأوطان لا تُبنى على الشائعات، بل على وعي راسخ وإعلام رشيد.

متخصص في الاتصال والإعلام


مشاركة عبر: