الرجاء الانتظار...

Main Logo
اخبار هنا العالم

ماكرون يبحث عن الشخصية القادرة على الجمع بين جميع المتناقضات السياسية


الأربعاء   00:09   10/09/2025
Article Image

أخبار هنا العالم - يُجمع المحللون على أن الأزمة السياسية الحالية في فرنسا تعود بشكل مباشر إلى خطأين استراتيجيين، الأول ارتكبه الرئيس إيمانويل ماكرون، والثاني رئيس وزرائه السابق فرنسوا بايرو. هذه القرارات، التي افتقرت إلى الحكمة السياسية اللازمة في سياق برلماني معقد، فاقمت حالة الاضطراب المؤسسي ووضعت فرنسا أمام تحديات غير مسبوقة.

في يونيو 2024، وبعد النتائج المخيبة للآمال لحزبه في الانتخابات الأوروبية التي شهدت صعوداً قوياً لليمين المتطرف، اتخذ الرئيس إيمانويل ماكرون قراراً مفاجئاً ومثيراً للجدل بحل الجمعية الوطنية والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة. هذا القرار، الذي جاء دون مبررات مقنعة للكثيرين، كان بمثابة "مقامرة سياسية" تهدف إلى استعادة أغلبية برلمانية أو على الأقل منع اليمين المتطرف من تحقيق مكاسب أكبر. ومع ذلك، لم تُفضي هذه الخطوة إلى النتيجة المرجوة، بل أدت إلى:

نتج عن الانتخابات التشريعية المبكرة برلمان "معلق" يفتقر إلى أغلبية واضحة، حيث توزعت القوى السياسية على ثلاث كتل رئيسية: الكتلة المركزية الداعمة لماكرون (التي تضم أحزاب الوسط والحزب الجمهوري اليميني التقليدي)، وجبهة اليسار بمكوناتها المختلفة (الاشتراكي، الشيوعي، وحزب فرنسا الأبية اليساري المتشدد)، واليمين المتطرف ممثلاً بحزب التجمع الوطني. هذا التكوين البرلماني أثبت استحالة بناء تعاون مستدام بين مكوناته، نظراً للاختلافات الجوهرية في الخيارات الاقتصادية والاجتماعية وتعارض الطموحات السياسية. هذا الانقسام أدى إلى غياب الاستقرار السياسي وتكرار الأزمات الحكومية.

الخطأ الثاني، الذي عمق الأزمة، ارتكبه رئيس الوزراء فرنسوا بايرو في سبتمبر 2025. عندما قرر المثول أمام البرلمان لطلب الثقة بحكومته بناءً على مسودة ميزانية تقشفية لعام 2026. هذا القرار كان غير ملزم سياسياً، وكان بإمكان بايرو تجنب المخاطرة بمصير حكومته في برلمان منقسم بالفعل. إلا أن الميزانية المقترحة، التي تهدف إلى كبح الدين العام المتضخم، لاقت رفضاً واسعاً ليس فقط من اليمين المتطرف واليسار بكل مكوناته، بل حتى من حلفاء الحكومة من "الخضر" الذين رأوا فيها تهديداً للإنفاق الاجتماعي.

النتيجة كانت حجب الثقة عن حكومة بايرو بأغلبية ساحقة، حيث صوت نحو ثلثي أعضاء البرلمان (364 نائباً) ضد الحكومة مقابل 194 نائباً فقط دعموها. هذه السابقة تعد الأولى من نوعها في تاريخ الجمهورية الخامسة، حيث يصبح بايرو أول رئيس وزراء يُحجب عنه الثقة بهذا الشكل منذ 65 عاماً. هذا الحدث لم يؤكد فقط عمق الأزمة السياسية، بل كشف أيضاً عن هشاشة الوضع الحكومي في فرنسا.


مشاركة عبر: