الرجاء الانتظار...

Main Logo
اخبار هنا العالم

رد هديتي!


الثلاثاء   02:12   09/09/2025
Article Image

أخبار هنا العالم - محمد نجيب*
يقف المحامي عاجزاً أحياناً أمام طلبات موكله في قضايا الأحوال الشخصية، خصوصاً حين يتعلق الأمر برد الهدايا المتبادلة بين الزوجين خلال سنوات الود والمحبة، فكلاهما يريد بعد الانفصال تجريد الآخر من كل ما يملك.

وتكون الطلبات في بعض القضايا بالغة الغرابة، مثل سداد قيمة رحلة قاما بها معاً، أو قيمة عشاء في مطعم راق، وهناك من طالب في إحدى المنازعات بأن ترد زوجته رقم هاتف مميزاً أهداه إياها، وحدِّث دون حرج عن الساعات والمجوهرات والسيارات.

وبعيداً عن الجانب الأخلاقي في مسألة الرجوع عن الهبة أو الهدية، ينظم الشرع والقانون هذه الأمور في ظل تكرار المنازعات بشأنها بين الخاطبين والأزواج؛ فالخطبة لا يترتب عليها الالتزامات ذاتها التي تترتب على عقد الزواج، ومن ثم فإنها تخضع عادة للعرف والشرط، وهناك حالات محددة تناولها المشرع تتعلق بسبب العدول عن الخطبة وصاحب قرار الفسخ، فإذا عدل أحدهما دون سبب فلا يحق له استرداد هداياه، وإذا كان هناك سبب فله الحق، أما إذا قررا معاً عدم الاستمرار فيحق لهما الاسترداد.

وفي ما يتعلق بالزواج، وهو موضوع المقال، فإن الهدايا تعتبر جزءاً من المهر إذا جرى العرف على ذلك، وفق القاعدة القانونية العامة.

ومن القضايا ذات الصلة، رجل طالب مطلقته برد هدايا منحها إياها أثناء الزواج، وقضت محكمة أول درجة برفض دعواه، فطعن أمام محكمة الاستئناف التي ألغت الحكم الابتدائي وألزمتها برد الهدايا، لكنها طعنت بدورها أمام المحكمة الاتحادية العليا على سند بأنه تزوجها بعقد صحيح واختلى بها خلوة شرعية صحيحة، ومن ثم تستحق كامل مهرها ومن ضمنه الهدايا، وفي ظل أنه الذي طلقها بإرادته المنفردة، طلبت أن تطبق عليه قاعدة الخاطب الذي يعدل عن الخطبة من تلقاء نفسه، ولا يسمح له باسترداد الهدايا.

وقبلت المحكمة الاتحادية العليا طعنها، وأقرت مبدأ مهماً وهو أن الهدية وما يسلم للزوجة لا يجوز أن يسترده الزوج إذا طلقها حتى لو كان معسراً.

في بعض الحالات لا يمكن أن نلوم الطرف الذي يطلب استرداد الهدية، خصوصاً لو شعر بالغبن أو الظلم، لكن في كثير من الحالات يفتقد الطلب إلى كثير من النبل والمروءة.

*محكم ومستشار قانوني


مشاركة عبر: