السقوط من جديد

أخبار هنا العالم - محمد نجيب*
بعد تجربة مريرة خاضها مع الإدمان، أقلع عنها، وظل متعافياً لسنوات عدة، حرص خلالها على الابتعاد عن كل أنواع المؤثرات أو المثيرات التي قد تجره مجدداً إلى ذاك الطريق المظلم، متجنباً كل من كان سبباً في مأساته حتى لو كان أقرب الناس إليه.
وبعد رحلة التعافي الطويلة، التقى ذات يوم صديقاً قديماً كان يتعاطى معه في الماضي، تحدثا عن الماضي، واسترجعا مغامراتهما معاً، إلى أن أخرج صاحب السوء حبة مخدرة، وابتزه عاطفياً حتى خضع وعاود السقوط!
هذه القصة الحزينة لابن أحد المعارف، وبواقع عملنا أدرك أنها متكررة، فنسب الانتكاسة بعد التعافي من الإدمان كبيرة عالمياً، وتمثل ردة كبيرة إلى الخلف، وتنتهي عادة بوفاة صاحبها أو سجنه.
والد هذا الشاب وأسرته عانوا كثيراً بسببه، لكنهم لم يفقدوا الأمل في تعافيه، وقدموا له كل أنواع الدعم والمساندة، عكس أسر أخرى تتعامل مع مريض الإدمان باعتباره مجرماً ومصدراً للعار والإذلال، فينبذونه ويلفظونه، مساهمين -عن جهل - في قطع كل السبل لعودته وشفائه.
هناك أسباب عدة للانتكاسة وفق خبراء ودراسات متعمقة، أبرزها الضغط العصبي، وتشكك المحيطين، وعدم تقبل المجتمع مجدداً للمتعافي، وفي المقابل، أعرف أشخاصاً أثبتوا صلابة نادرة، تجاوزوا الأزمة بمفردهم، متحملين الآلام والتبعات، لأنهم أدركوا في لحظة صدق مع النفس أنهم موشكون على نهاية مدمرة.
وبكل موضوعية، التعديلات التي طرأت على القانون رقم 30 لعام 2021 في شأن مكافحة المخدرات، فتحت نافذة أمل واسعة أمام مرضى الإدمان الراغبين في التعافي، سواء بإعفائهم من المساءلة القانونية إذا تقدموا من تلقاء أنفسهم، أو بوساطة أقاربهم حتى الدرجة الثانية للعلاج، أو أبلغوا النيابة العامة أو الشرطة، بحسب المادة 89 من القانون، وكذلك مواد أخرى تعكس قناعة المشرّع بأن المتورطين في فخ الإدمان بحاجة إلى المساعدة وليس العقاب، على الأقل عند التعاطي لأول مرة، وإظهار رغبة وإرادة صادقتين في التعافي.
وتظل الأسرة كما أكدنا مراراً هي خط الدفاع الأول، لحماية الأبناء من السقوط في فخ الإدمان، ووسيلة الكشف المبكر حال تورطهم في التعاطي، ويد العون والسند لهم حتى يتماثلوا للشفاء والتعافي.
*محكم ومستشار قانوني
مشاركة عبر:
-
عندما تتحول الطبيعة إلى مصدر دخل… فهل ننتظر أم نبدأ
17/10/2025 00:37
-
إعلام قرار .. أمانة عمّان
17/10/2025 00:37
-
العصف الذهني المجتمعي
17/10/2025 00:37
-
برقية إلى الملك المؤسس .. ارتباط مجيد
17/10/2025 00:37
-
استشهاد القائد يحيى السنوار... الصمت الذي دوّى في قلب الاحتلال
16/10/2025 16:06
-
الشرق الأوسط بين ضباب التسويات ومكر الخرائط
16/10/2025 00:31
-
السياحة العلاجية الأردنية .. من يعيد البوصلة
16/10/2025 00:31
-
النخب السياسية المعلَّبة .. أقنعة الحداثة في مرايا العالم الثالث
16/10/2025 00:31
-
مصافحة باردة تشعل التحليل السياسي: كيف ردّ الملك عبد الله على حماس ترامب في قمة السلام
16/10/2025 00:30
-
الأردن .. الحكمة التي تنحاز للحق دائماً
15/10/2025 01:41