إنما أنا رحمة مهداة

أخبار هنا العالم - د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد
ورد في الحديث عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «يا أيها الناس إنما أنا رحمة مهداة»، وهذا من باب قصر الموصوف على الصفة، أي أن ذاته صلوات الله وسلامه عليه رحمة؛ لذلك كان يفيض رحمة في تشريعه وأخلاقه ومعاملاته وكل أحواله، كما أخبر الله تعالى بذلك بقوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾، فكانت ذاته رحمة، ورسالته رحمة، وهديه رحمة، ورحمته غير مقصورة على من اتبعه، بل هو رحمة للعالمين، والعالمون جمع عالم، فشملت رحمته العوالم كلها، كما دلت عليه الآية المفسَّرة بالحديث المذكور، ومن رحمته عليه الصلاة والسلام أن الله تعالى رحم البشرية من الهلاك، فأمَّنها الله تعالى من العذاب العام الذي كانت تتعرّض له الأمم السابقة التي كفرت بربها وعصت رسله، وكان رحمة للكون كله بما جاء في شرعه من النهي عن الفساد في الأرض والبغي بغير الحق، ولو أن العالم الإنسي اتبع شرعه لعاشت البشرية في سلام ووئام، ولكن الناس أنفسهم يظلمون.
ونحن معاشر المسلمين، إذ منّ الله تعالى علينا أن نكون من أمته وأهل شريعته، فما أجدرنا أن نغتبط بهذه الرحمة العظيمة التي خرجنا بها من ضلال الجاهلية والوثنية إلى نور الإسلام وعبادة الملك الديان سبحانه، فكنا خير أمة أُخرجت للناس، وكنا أمة وسطاً، وكنا الشاهدين على الأمم، وكنا أقل الأمم عملاً وأكثرها أجراً، وكنا أكثر أهل الجنة، وكنا الآخرين في البعث الأولين في دخول الجنة، إلى غير ذلك من الفضائل التي لم نكن لننالها إلا ببركة هذا النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي هو حظنا من الأنبياء، ونحن حظه من الأمم، والذي هو أولى بنا من أنفسنا، والذي يعز عليه ما يُعنتنا، والحريص علينا أشد من حرصنا على أنفسنا، والذي لم يشقَّ علينا في تشريع ولا أمرنا برهبانية، والذي لم ينتهِ حرصه علينا في الدنيا، بل إنه في برزخه تعرض عليه أعمالنا، ويسر بصالح أعمالنا ويستغفر لسيئاتنا، وفي عرصات القيامة لم يكن أحد من خلق الله تعالى أولى بالشفاعة العظمى للخلائق كلها غيره صلى الله عليه وسلم، ولا يكتفي بذلك حتى يشفع لأهل الكبائر من أمته فيخرجهم الله من النار بشفاعته، ويقف على حوضه الشريف بين الجنة والنار ليسقي أمته منه، كل ذلك وغيره يجعل الأمة الإسلامية إذا ما جاء شهر مولده تحيي ذكرى هذه الرحمة بما يحيي قلوبها بمحبته التي هي من أرجى أعمال القلوب لمرافقته صلى الله عليه وسلم في الجنة.
*كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي
مشاركة عبر:
-
عندما تتحول الطبيعة إلى مصدر دخل… فهل ننتظر أم نبدأ
17/10/2025 00:37
-
إعلام قرار .. أمانة عمّان
17/10/2025 00:37
-
العصف الذهني المجتمعي
17/10/2025 00:37
-
برقية إلى الملك المؤسس .. ارتباط مجيد
17/10/2025 00:37
-
استشهاد القائد يحيى السنوار... الصمت الذي دوّى في قلب الاحتلال
16/10/2025 16:06
-
الشرق الأوسط بين ضباب التسويات ومكر الخرائط
16/10/2025 00:31
-
السياحة العلاجية الأردنية .. من يعيد البوصلة
16/10/2025 00:31
-
النخب السياسية المعلَّبة .. أقنعة الحداثة في مرايا العالم الثالث
16/10/2025 00:31
-
مصافحة باردة تشعل التحليل السياسي: كيف ردّ الملك عبد الله على حماس ترامب في قمة السلام
16/10/2025 00:30
-
الأردن .. الحكمة التي تنحاز للحق دائماً
15/10/2025 01:41