الرجاء الانتظار...

Main Logo
اخبار هنا العالم

دراسة حديثة تكشف تكلفة خفية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الطب: ضعف مهارات الأطباء بعد الاعتماد عليه


الجمعة   02:27   05/09/2025
Article Image

أخبار هنا العالم - في السنوات الأخيرة، أظهرت العديد من الدراسات كيف ساهمت أدوات الذكاء الاصطناعي في تحسين أداء الأطباء، من خلال تسريع تشخيص الأمراض واكتشاف السرطان بدقة أعلى، بل وحتى التنبؤ بالمضاعفات المحتملة، كما أشارت الكاتبة تيدي روزنبلوث.

لكن أبحاثاً حديثة أظهرت وجود تكلفة خفية لاستخدام هذه التكنولوجيا، إذ كشفت دراسة نُشرت في مجلة «لانسيت» لأمراض الجهاز الهضمي والكبد أن الأطباء، بعد ثلاثة أشهر فقط من الاعتماد على أداة ذكاء اصطناعي تساعد في اكتشاف الأورام ما قبل السرطانية أثناء تنظير القولون، تراجع أداؤهم في اكتشاف تلك الأورام عند عدم استخدام الأداة.

ظاهرة «فقدان المهارات» هذه تعني أن الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي قد يضعف قدرات الأطباء الأساسية التي اكتسبوها سابقاً. وذكر الدكتور عمر أحمد، اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي في مستشفى جامعة لندن، في مقال افتتاحي مصاحب للدراسة، أن التأثير متبادل «نحن نؤثر على الذكاء الاصطناعي، لكنه يؤثر علينا أيضاً».

الدراسة شملت أطباء في أربعة مراكز تنظير داخلية في بولندا، حيث استخدموا أداة ذكاء اصطناعي تحدد الأورام المشبوهة أثناء الفحص. وبينما ثبت أن هذه التقنية تحسن معدل اكتشاف الأورام، لاحظ الباحثون تراجعاً في قدرة الأطباء على الاكتشاف بعد إزالة الأداة، حيث انخفضت نسبة الكشف من 28% إلى 22%.

ورغم أن الدراسة لا تثبت بشكل قاطع أن الذكاء الاصطناعي سبب هذا التراجع، فقد رجح الخبراء أن الاعتماد على التكنولوجيا يؤدي إلى تقليل الانتباه أو انخفاض التركيز لدى الأطباء. وهذا الأمر ليس غريباً، حيث يشهد قطاع الطيران ظاهرة مماثلة ويجري تدريب الطيارين للحفاظ على مهاراتهم اليدوية في عصر الطائرات ذاتية القيادة.

الدكتور روبرت واتشر، رئيس قسم الطب بجامعة كاليفورنيا، اعتبر أن «السؤال الكبير هو: هل هذا الأمر مهم فعلاً؟» وأشار إلى أن كثيراً من التقنيات الحديثة أدت إلى تجاوز بعض المهارات التقليدية، مثل استخدام السماعة الطبية التي أضعفت مهارات الفحص اليدوي.

في المقابل، أكد الدكتور أحمد على أهمية إشراف الإنسان المستمر على أدوات الذكاء الاصطناعي، مع ضرورة تحديثها وصيانتها باستمرار، نظراً لتغير الظروف التي قد تؤثر على أدائها.

وحذر واتشر من «خطر الفترة الانتقالية» التي قد تواجه فيها الأنظمة الصحية اختلافاً في توفر أدوات الذكاء الاصطناعي، ما قد يضطر الأطباء للاعتماد على مهاراتهم القديمة دون دعم التكنولوجيا.

الدراسة أشارت أيضاً إلى أن السبب وراء التراجع السريع في مهارات الأطباء غير واضح تماماً، لكن مراقبة حركة العين كشفت أن الأطباء يميلون إلى تقليل التركيز على حواف الصور عند استخدام الأداة، مما قد يفسر بعض التغيرات في المهارات.

لمواجهة هذه التحديات، بدأت بعض المؤسسات الصحية في تطوير نظم محاكاة تساعد الأطباء على ممارسة مهاراتهم بشكل مستقل عن الذكاء الاصطناعي، كما أن بعض كليات الطب تفكر في حظر استخدام الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الأولى من تدريب الطلاب، لتجنب فقدان المهارات الأساسية.

وإذا كان استخدام أداة ذكاء اصطناعي لمدة ثلاثة أشهر كافياً لتقليص مهارات أطباء ذوي خبرة طويلة، يبقى التساؤل قائماً حول تأثيره على الطلاب والأطباء المقيمين الذين يطورون مهاراتهم حديثاً.


مشاركة عبر: