اصبحنا بحاجة ملحة إلى استبدال جيل عادل إمام بجيل إمام عادل

أخبار هنا العالم - بقلم : هيثم علي يوسف
الرئيس التنفيذي مجلس الوحدة الإعلامية العربية
تعيش الأمة العربية اليوم حالة غير مسبوقة من التراجع القيمي والفكري، حيث يظهر جيل جديد يبدو في معظمه غريبًا عن واقعه، بعيدًا عن مسؤولياته الدينية والوطنية والاجتماعية. جيلٌ انشغل بالملهيات الرقمية والفضاءات الافتراضية، وابتعد عن قضايا أمته الكبرى، حتى بات أكثر اعتيادًا على الاستسلام من المقاومة، وأكثر ميلًا للهزل من الجد.
هذا المشهد يُثير مقارنة قاسية بين زمنين: زمن كان فيه الشاب في السادسة عشرة يقود جيشًا في عهد الرسول ﷺ، وزمن صار فيه العمر ذاته يُستنزف في ألعاب إلكترونية أو صناعة محتوى ترفيهي عابر على منصات التواصل. إنها مفارقة تختصر حجم الانحدار في منظومة الوعي العربي.
نحن اليوم في أزمة وعي قبل أن تكون أزمة سلوك
الظاهرة لا يمكن قراءتها من زاوية أخلاقية فقط، بل من منظور أوسع يرتبط بالسياسات الثقافية والإعلامية التي كرّست “ثقافة اللهو” على حساب “ثقافة المسؤولية”.
فالإعلام العربي على مدى عقود ضخّم صورة النجم الكوميدي أو الترفيهي، بينما غيّب صورة القدوة القائد أو المصلح
هنا يبرز التعبير الرمزي: “جيل عادل إمام” مقابل “جيل إمام عادل”؛ أي جيل يعيش على الضحك والتمثيل، مقابل جيل يسعى للعدل والقيادة.
وسؤالي هل فعلاً نحن امام انهيار المرجعيات التقليدية؟
المسألة لا تقف عند حدود الإعلام، بل تمتد إلى تغييب المرجعيات الدينية والاجتماعية التي كانت تحفظ توازن الشباب. حتى المبادرات التي رُوّج لها تحت شعارات “تمكين المرأة” أو “التحرر الاجتماعي”، تحولت في كثير من الحالات إلى أداة لفصل الأجيال عن قيمهم الدينية والأخلاقية، بدل أن تكون أداة للعلم والمعرفة والإنتاج. والنتيجة: جيل مرتبك لا يعرف جذوره ولا يدرك حجم الأخطار المحدقة بأمته.
لا بد من اختبار يكشف الواقع، لو قُدّر لنا أن نعيد اليوم تجربة برنامج “بنك المعلومات” للدكتور عمر الخطيب، وطرحنا أسئلته البسيطة في الجامعات العربية، فكم طالبًا سيكون قادرًا على الإجابة الصحيحة؟
ربما واحد من كل مئة، وهذا مؤشر يختصر عمق الأزمة: جيل بعيد عن المعرفة العامة منفصل عن تاريخه، هشّ في وعيه الجمعي
يجب المضي قدما والتعب لاستعادة الدور المفقود
فالتحدي المطروح أمام المجتمعات العربية ليس مجرد “ضبط سلوك الشباب”، بل إعادة بناء مشروع وعي شامل، يوازن بين العلم والدين، بين المسؤولية والحرية، بين الترفيه والجدية. المطلوب هو إعادة الاعتبار للقدوة الحقيقية: الإمام العادل، لا الممثل المضحك. فنهضة الأمة لن تأتي من الضحك على الذوات، بل من إعادة إنتاج جيل يقود لا جيل يتبع، جيل يفكر لا جيل يستهلك.
مشاركة عبر:
-
عندما تتحول الطبيعة إلى مصدر دخل… فهل ننتظر أم نبدأ
17/10/2025 00:37
-
إعلام قرار .. أمانة عمّان
17/10/2025 00:37
-
العصف الذهني المجتمعي
17/10/2025 00:37
-
برقية إلى الملك المؤسس .. ارتباط مجيد
17/10/2025 00:37
-
استشهاد القائد يحيى السنوار... الصمت الذي دوّى في قلب الاحتلال
16/10/2025 16:06
-
الشرق الأوسط بين ضباب التسويات ومكر الخرائط
16/10/2025 00:31
-
السياحة العلاجية الأردنية .. من يعيد البوصلة
16/10/2025 00:31
-
النخب السياسية المعلَّبة .. أقنعة الحداثة في مرايا العالم الثالث
16/10/2025 00:31
-
مصافحة باردة تشعل التحليل السياسي: كيف ردّ الملك عبد الله على حماس ترامب في قمة السلام
16/10/2025 00:30
-
الأردن .. الحكمة التي تنحاز للحق دائماً
15/10/2025 01:41