الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل مستقبل الأعمال: فرص وتحديات لا مثيل لها

اخبار هنا العالم - شهدت العقود الماضية تحولات متسارعة في عالم الأعمال، لكن وتيرة الابتكار لم تكن أبداً بالسرعة التي نراها اليوم. لقد انتقل الذكاء الاصطناعي (AI) من كونه مجرد تقنية مستقبلية إلى جزء لا يتجزأ من النظم التشغيلية للشركات والجهات الحكومية حول العالم. لم يعد الهدف من تبني التقنية يقتصر على مجرد إيجاد بنية تحتية رقمية، مثل قواعد البيانات والأجهزة الخادمة، كما كان الحال قبل خمسة عشر عاماً. بل أصبح التحول الرقمي الحقيقي يرتكز على دمج الذكاء الاصطناعي في العمليات اليومية للشركات والقطاع الحكومي، ووضع استراتيجيات واضحة للاستفادة من قدراته التحليلية وتسريع تدفقات العمل بشكل جذري.

أحد الابتكارات البارزة في هذا المجال هو مفهوم "برج التحكم بالذكاء الاصطناعي" (Artificial Intelligence Control Tower)، الذي تطوره شركات مثل "سيرفس ناو". هذه المنصات المتخصصة مبنية على الذكاء الاصطناعي لإدارة تدفقات العمل (Business Workflow Platform)، وتخدم المنظومة بأكملها. يمكن من خلالها بناء عمليات قطاع الأعمال المتنوعة، مثل الاتصالات والموارد البشرية والمصارف، على نظام واحد موحد. الهدف هو توحيد آلية التعامل مع مئات من وكلاء الذكاء الاصطناعي المتخصصة في نظام واحد، وإضافة طبقة عليا تضمن تناغم هذه التقنيات وتسهيل إدارتها. هذه الطبقة الموحدة تمكّن الأنظمة المختلفة من التفاعل ومشاركة البيانات لتطوير الأداء وتقديم رؤى تحليلية دقيقة، مع التركيز بشكل خاص على أخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي (AI Ethics) لضمان اتخاذ قرارات عادلة ومنطقية.

يعد التواجد الفعلي لشركات التكنولوجيا العالمية في منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً في المملكة العربية السعودية، استثماراً استراتيجياً يتوافق مع أهداف "رؤية السعودية 2030". هذه الرؤية الطموحة تهدف إلى تنويع الاقتصاد، تطوير البنية التحتية الرقمية، وخلق مجتمع حيوي قائم على المعرفة. في عام 2024، أعلنت "سيرفس ناو" عن خططها لاستثمار 500 مليون دولار أمريكي في المملكة لدعم التحول الرقمي، وخلق فرص عمل، وتنمية المهارات الرقمية في المنطقة. يشمل هذا الالتزام الاستراتيجي إطلاق مركز إقليمي جديد للشركة في الرياض، بالإضافة إلى إنشاء مركزين مخصصين للبيانات داخل المملكة، مما يضمن الامتثال لسياسات حماية البيانات الوطنية والدولية.

يظهر الأثر الملموس لهذا الوجود والاستثمارات من خلال الشراكات التي أُبرمت بالفعل مع كيانات حكومية وخاصة. في إطار سعي وزارة العدل السعودية إلى تحقيق أهداف «رؤية 2030»، تم استخدام منصة "سيرفس ناو" لرقمنة 80% من خدماتها وتبسيط تدفقات العمل المعقدة. هذا التحول الرقمي أدى إلى دمج أنظمة متعددة كانت تعمل بشكل منفصل في منصة موحدة، مما أسهم في تطوير الكفاءة والشفافية في تقديم الخدمات للمواطنين. وعلى صعيد القطاع الخاص، تمت أتمتة عمليات شركة الاتصالات السعودية (stc)، مما أسهم بشكل كبير في رفع مستويات الخدمة المقدمة للعملاء.