الرجاء الانتظار...

Main Logo
اخبار هنا العالم

أثر اضطرابات النوم على صحة المراهقين النفسية: دراسة حديثة تكشف الروابط العميقة


الجمعة   02:53   29/08/2025
Article Image

اخبار هنا العالم - تُعد مرحلة المراهقة فترة حرجة في النمو البشري، تتسم بتغيرات جسدية ونفسية واجتماعية سريعة. في خضم هذه التغيرات، تبرز الصحة النفسية للمراهقين كقضية عالمية ذات أهمية قصوى. في هذا السياق، كشفت دراسة نفسية رائدة نُشرت مؤخرًا في "مجلة علم نفس الطفل والطب النفسي" عن ارتباط مقلق بين اضطرابات النوم وزيادة خطر الإقدام على إيذاء النفس عمدًا بين المراهقين. هذه النتائج، المستخلصة من تحليل دقيق لبيانات آلاف المراهقين في المملكة المتحدة، تلقي بظلالها على العواقب الوخيمة لقلة النوم على الصحة العقلية لهذه الفئة العمرية الحساسة، وتشدد على الحاجة الملحة للتدخلات الوقائية والعلاجية.

أجرى باحثون من جامعتي وارويك وبرمنغهام في المملكة المتحدة هذه الدراسة، التي اعتمدت على بيانات مجموعة "الألفية" (Millennium Cohort)، وهي دراسة طولية متعددة التخصصات تتبعت حياة أكثر من 10,000 طفل ولدوا في المملكة المتحدة بين عامي 2000 و2001. تم جمع معلومات شاملة عن الأسر والأطفال، مع متابعات دورية منذ الطفولة المبكرة وحتى سن السابعة عشرة. هذه المنهجية الطولية مكنت الباحثين من تتبع التغيرات عبر الزمن وفهم العلاقة السببية المحتملة بين اضطرابات النوم وإيذاء النفس.

في سن الرابعة عشرة، سُئل المراهقون عن أنماط نومهم، بما في ذلك مدة النوم في أيام الدراسة، والوقت المستغرق للخلود إلى النوم، وعدد مرات الاستيقاظ خلال الليل. كما طُلب منهم الإبلاغ عما إذا كانوا قد أقدموا على إيذاء أنفسهم من قبل. بعد ثلاث سنوات، في سن السابعة عشرة، كرر الباحثون السؤال نفسه المتعلق بسلوك إيذاء النفس. هذا النهج سمح بتقييم الارتباطات قصيرة وطويلة المدى بين اضطرابات النوم وسلوك إيذاء النفس.

كشفت النتائج بوضوح أن اضطرابات النوم، وخاصة قلة النوم خلال أيام الدراسة، كانت مرتبطة بشكل كبير بزيادة خطر الإقدام على إيذاء النفس في سن الرابعة عشرة، واستمر هذا الارتباط ثابتًا حتى سن السابعة عشرة. هذا يشير إلى أن اضطراب نمط النوم لدى المراهقين يمكن أن يؤدي إلى سلوك إيذاء النفس على المديين القصير والبعيد. كما وُجد أن الأعراض المرتبطة بالأرق، مثل طول الوقت المستغرق في محاولة النوم وزيادة مرات الاستيقاظ في الليل، لعبت دورًا في زيادة هذا الخطر.

ما يميز هذه الدراسة هو أنها أخذت في الاعتبار مجموعة واسعة من العوامل الأخرى التي قد تؤثر على الصحة العقلية، مثل العمر والجنس والأمراض المزمنة (خاصة تلك التي تسبب ألمًا مستمرًا)، والوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسرة، بالإضافة إلى الاضطرابات النفسية مثل القلق والاكتئاب وتدني تقدير الذات. حتى بعد ضبط هذه المتغيرات، ظلت اضطرابات النوم عاملاً مستقلاً ومهمًا في زيادة خطر إيذاء النفس، مما يؤكد دورها المحوري.


مشاركة عبر: