بريتوريا تصف سياسات واشنطن تجاه مواطنيها البيض «أبارتايد بنسخة ثانية»

اخبار هنا العالم - تُشكل الأزمة الدبلوماسية الراهنة بين جنوب أفريقيا والولايات المتحدة حول ملف لجوء الأقلية البيضاء، صدىً عميقًا لتاريخ جنوب أفريقيا المليء بالتحديات، خاصة إرث نظام الفصل العنصري (الأبارتايد) الذي استمر من عام 1948 حتى 1994. هذا التاريخ الحافل بالتمييز العرقي، حيث حكمت الأقلية البيضاء البلاد بقبضة من حديد، يجعل أي إشارة إلى "الفصل العنصري" تثير حساسية بالغة في بريتوريا.

يرى وزير الخارجية الجنوب أفريقي، رونالد لامولا، أن منح واشنطن صفة اللجوء لعائلات المستعمرين الأوروبيين السابقين في بلاده، بناءً على مزاعم تعرضهم للاضطهاد أو "الإبادة الجماعية"، هو "أبارتايد بنسخته الثانية". هذا الوصف يعكس قلقًا عميقًا من أن سياسات اللجوء الأمريكية قد تُعيد إنتاج أشكال من التمييز العرقي، وتُضفي شرعية على مزاعم لا تستند إلى الواقع، مما يقوض جهود جنوب أفريقيا في بناء مجتمع متعدد الأعراق يتسم بالمساواة والعدالة.

تُجاهر إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بادعاءات تفيد بأن الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا تتعرض لاضطهاد و"إبادة جماعية"، وهو ما دفعها إلى منح صفة اللجوء لهذه الفئة. وقد وصلت دفعة أولى من 49 لاجئًا في مايو الماضي عبر رحلة خاصة، وتُخطط الإدارة الأمريكية لزيادة عدد الوافدين عبر رحلات تجارية. في المقابل، تُكذّب حكومة جنوب أفريقيا هذه المزاعم جملة وتفصيلاً، وتؤكد أن الجرائم في الممتلكات الزراعية لا تستهدف فئة عرقية محددة. يرى لامولا أن هذه المزاعم مجرد "مسار معجل للهجرة" تتبعه الولايات المتحدة، ولا تمت بصلة للواقع في جنوب أفريقيا.

تُعد إحصائيات جرائم القتل في المزارع نقطة خلاف رئيسية في هذا الجدل. تُفيد الشرطة الجنوب أفريقية بأنها لم تسجل سوى 6 جرائم قتل في الممتلكات الزراعية خلال الربع الأول من العام الماضي، مشيرة إلى أن غالبية العاملين في هذه المناطق من السود. هذا الرقم يتعارض بشكل صارخ مع ما تُعلنه منظمة "أفريفوروم"، وهي مجموعة تمثل مواطني جنوب أفريقيا من أصول هولندية وتُدافع عن حقوق الأفريكانير، والتي أحصت 37 عملية قتل في الممتلكات الزراعية خلال عام 2024. هذا التباين الكبير في الأرقام يُثير تساؤلات حول دقة البيانات والمصالح التي تخدمها كل جهة في تسليط الضوء على هذه القضية.