محافظة القدس: تصعيد الاحتلال في غزة ينعكس بشكل مباشر على القدس

اخبار هنا العالم - تُعد مدينة القدس المحتلة نقطة ارتكاز تاريخية ودينية وسياسية في قلب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وبحسب معروف الرفاعي، مستشار محافظ القدس، فإن أي تصعيد للعدوان على قطاع غزة لا يقتصر تأثيره على القطاع المحاصر فحسب، بل يمتد ليشمل القدس بآثار مباشرة وغير مباشرة، مما يؤكد ترابط الساحتين وتأثرهما المتبادل. هذا الترابط العميق يعكس حقيقة أن القدس ليست مجرد مدينة، بل هي رمز حي لقضية وطنية ودينية متجذرة.

تتجلى هذه التأثيرات المتبادلة في عدة محاور رئيسية، بدءًا من استهداف المسجد الأقصى، مرورًا بالضغط على السكان المقدسيين، وصولًا إلى الأبعاد السياسية والإعلامية التي تُبرز مكانة القدس كقلب نابض للصراع.

ويُعد المسجد الأقصى، بقدسيته ومكانته المركزية في الوعي الإسلامي، هدفًا رئيسيًا للاحتلال الإسرائيلي في كل موجة تصعيد. ففي ظل انشغال المجتمع الدولي بالوضع في غزة، تُكثف القوات الإسرائيلية اقتحاماتها للمسجد الأقصى. هذه الاقتحامات لا تقتصر على مجرد انتهاك حرمة المكان، بل تهدف إلى تحقيق أهداف استراتيجية:

تستغل إسرائيل انشغال المجتمع الدولي بقضايا أخرى لفرض سياسات جديدة على الأرض، مثل تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى. على سبيل المثال، وثقت تقارير متعددة مئات الاقتحامات للمسجد الأقصى من قبل المستوطنين بحماية إسرائيلية، خاصة في أعقاب التصعيد في غزة. في 26 و27 أغسطس 2025، شهد المسجد الأقصى اقتحامات متكررة من قبل المستوطنين، مما يشير إلى استمرار هذه السياسة.

تُشكل هذه الاقتحامات رسالة تحدٍ واضحة للفلسطينيين، في محاولة لكسر عزيمتهم وتقويض صمودهم. وتترافق هذه الاقتحامات مع قيود مشددة على دخول المصلين، خاصة من سكان الضفة الغربية، بالإضافة إلى فرض تحديدات عمرية تمنع أعدادًا كبيرة من المقدسيين من الوصول إلى المسجد. هذه الإجراءات تنتهك حرية العبادة وتُقيد وصول الفلسطينيين إلى مقدساتهم، مما يزيد من حدة التوترات.

إن مشاهد القصف والدمار في غزة، وما يتبعها من معاناة إنسانية، تؤجج المشاعر الوطنية والدينية لدى سكان القدس. هذا التأجج يدفع المقدسيين إلى تنظيم فعاليات احتجاجية ومسيرات تضامنية، مما يحول المدينة إلى ساحة اشتباك شعبي متزامنة مع الأحداث في غزة. غالبًا ما تواجه سلطات الاحتلال هذه الفعاليات بالقوة المفرطة، مما يؤدي إلى تصعيد المواجهات. يذكر التاريخ أن القدس كانت دائمًا بؤرة للثورات والانتفاضات، وهذا ما تبرزه الأحداث الجارية اليوم.