مصرف سوريا المركزي يخطط لطباعة 6 فئات من العملة الجديدة

اخبار هنا العالم - تشهد سوريا في الآونة الأخيرة تحولًا اقتصاديًا جذريًا، يتجلى في إعلان حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر الحصرية، عن خطة طموحة لاستبدال الكتلة النقدية المتداولة بعملة جديدة كليًا. هذه المبادرة التي تأتي في أعقاب التغيرات السياسية الكبرى التي شهدتها البلاد، تهدف إلى إضفاء الاستقرار على المشهد الاقتصادي المترنح، وتعزيز الثقة في الليرة السورية التي عانت من تدهور غير مسبوق على مدار السنوات الماضية.

التحول الجذري لليرة السورية: رؤية شاملة
يتجه المصرف المركزي السوري نحو تنفيذ إصلاح نقدي شامل، يشمل عدة محاور رئيسية، بدءًا من حذف صفرين من العملة وصولاً إلى طباعة فئات جديدة بتصميمات عصرية.

حذف الصفرين: خطوة استراتيجية وليست تقييمًا للقيمة
أكد الحصرية أن قرار حذف صفرين من الفئات النقدية هو قرار محسوم وله أهمية بالغة، ليس لأنه يمس القيمة الحقيقية للعملة، بل لأنه يهدف إلى تسهيل المعاملات المالية اليومية. هذا الإجراء، الذي من المقرر أن يشمل طباعة ست فئات نقدية جديدة، يمثل رمزًا للتحرر المالي الذي يواكب التحرر السياسي في البلاد بعد الإطاحة بالنظام السابق.

ففي ظل التضخم الهائل الذي عانت منه الليرة السورية، حيث انخفضت قيمتها بأكثر من 90% منذ عام 2011 (من 50 ليرة للدولار إلى ما يقارب 10 آلاف ليرة حاليًا)، أصبح السوريون يضطرون لحمل كميات هائلة من الأوراق النقدية لإجراء أبسط المعاملات. ففئة الـ 5000 ليرة، وهي الأعلى تداولًا، لا تكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية اليومية، مما دفع بالمواطنين إلى حمل أكياس وحقائب مليئة بالنقود، وهو ما يسعى الإصلاح الجديد إلى إنهائه.

لجان مختصة وعملية طباعة منظمة
ولضمان سلاسة عملية استبدال العملة، شكل مصرف سوريا المركزي لجنتين متخصصتين: لجنة استراتيجية وأخرى تشغيلية. تضطلع هاتان اللجنتان بمسؤولية إدارة ملف طباعة العملة الجديدة والتأكد من تنفيذ الخطوات اللازمة بفعالية. وقد أُبرم اتفاق مع شركة "جوزناك" الروسية الحكومية لتتولى مهمة طباعة الأوراق النقدية الجديدة، مما يضمن جودة الطباعة وتوفير الكميات المطلوبة.

تغيير التصميم: إزالة رموز الماضي وبناء الثقة
ضمن جهود إعادة بناء الثقة في العملة الوطنية، يتوقع أن تشمل التصميمات الجديدة للأوراق النقدية إزالة صور الرئيس السابق بشار الأسد ووالده حافظ الأسد. هذه الخطوة الرمزية تعزز المفهوم بأن تغيير العملة الوطنية هو علامة على التحرر المالي بعد التحرر السياسي وسقوط النظام السابق.

التحديات والآثار الاقتصادية المتوقعة
لا شك أن عملية تغيير العملة في بلد يمر بظروف اقتصادية معقدة كتلك التي تشهدها سوريا تحمل في طياتها تحديات وآثارًا محتملة. ومع ذلك، يصر المسؤولون على أن الخطوة تهدف إلى تحقيق الاستقرار دون زيادة الأعباء.

مكافحة التضخم: استبدال لا زيادة
شدد الحصرية على أن هذه الخطوة لن تؤدي إلى زيادة في التضخم في البلاد. وأوضح أن الهدف ليس زيادة الكتلة النقدية المتداولة، بل استبدالها بكتلة جديدة. فالتضخم قد ينجم عن عوامل نفسية يمكن معالجتها بالتوعية، أو عن زيادة في الكتلة النقدية، وهو ما يسعى البنك المركزي لتجنبه من خلال سياسة الاستبدال.

تحسن سعر الصرف: مؤشر إيجابي
يُعد تحسين سعر صرف الليرة السورية أحد أبرز التحديات المالية التي تواجه سوريا بعد سقوط النظام السابق في ديسمبر الماضي. وقد نجح المصرف في تعزيز قيمة الليرة بنحو 35% منذ ذلك التاريخ، حيث تحسن سعر الصرف من مستويات تصل إلى 28 ألف ليرة مقابل الدولار في أواخر عهد النظام السابق إلى أقل من 10 آلاف ليرة حاليًا. هذه التحسنات تعطي بارقة أمل لنجاح مبادرة تغيير العملة في تعزيز الاستقرار الاقتصادي