فلسطين لأهلها ، بالحق التاريخي والديني والإنساني ، بقلم : ربحي دولة

فلسطين لأهلها ، بالحق التاريخي والديني والإنساني ، بقلم : ربحي دولة
لطالما استخدمت الحركة الصهيونية المقولات الدينية والتاريخية لتبرير مشروعها السياسي الاستعماري المتمثل في إقامة “إسرائيل الكبرى”، وهو المشروع الذي يتبناه نتنياهو بوضوح في خطاباته وممارساته السياسية. يدعي نتنياهو أنه يحمل “رسالة توراتية” تسعى إلى إعادة بناء إسرائيل على كامل “أرض الميعاد”، وهو خطاب يتجاوز البعد الديني ليصل إلى نزعة استعمارية خطيرة تتعارض مع القانون الدولي وحقوق الشعوب، وعلى رأسها الشعب الفلسطيني.
إن الادعاء بأن اليهود يشكلون “قومية” موحدة هو طرح صهيوني محدث لا يمتّ للحقيقة الدينية أو التاريخية بصلة. فاليهودية، كديانة، تضم جماعات بشرية متعددة من أصول وقوميات مختلفة: عرب، أكراد، فارسيون، أوروبيون، أفارقة، وغيرهم. يعيش اليهود حول العالم كمواطنين في دولهم، ويتمتعون بحقوق المواطنة الكاملة، وينتمون إلى ثقافات وهويات وطنية متنوعة. لا يجمعهم سوى الدين، وليس الانتماء القومي أو العرقي
وبالتالي، فإن محاولة توظيف الدين اليهودي لتبرير إقامة كيان سياسي استعماري في فلسطين، وسلب الأرض من أصحابها، هو تشويه لمعنى الدين نفسه، الذي لا يمكن أن يكون غطاءً لمشاريع استيطانية عنصرية
فلسطين هي أرض شعبها الفلسطيني، الذي عاش عليها عبر قرون طويلة، وتكوّنت هويته الوطنية والثقافية على هذه الأرض. ولهذا الشعب الحق الكامل، الذي تقره كل المواثيق الدولية وشرائع السماء، في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
إن هذا الحق ليس مجرد مطلب سياسي، بل هو حق طبيعي، إنساني، وتاريخي. حتى في النصوص اليهودية ذاتها، لا يُقر الكثير من كبار حاخامات اليهود قيام دولة يهودية وهذا ما يُظهر أن المشروع الصهيوني لا يعبر عن العقيدة اليهودية، بل عن أيديولوجيا استعمارية تسعى لاستخدام الدين لتحقيق مصالح توسعية ؛
الصهيونية ليست حركة دينية، بل هي في جوهرها حركة استعمارية نشأت في أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر، وتلاقت في مصالحها مع القوى الاستعمارية الكبرى كالإمبراطورية البريطانية والفرنسية، ثم الولايات المتحدة لاحقًا. وقد اعتمدت الصهيونية على الأساطير الدينية والتاريخية لتبرير مشروعها الاستيطاني في فلسطين، رغم أن الغالبية العظمى من يهود العالم قبل نشوء الصهيونية، لم يكونوا يرغبون في الهجرة إلى فلسطين ولا يؤمنون بالمشروع السياسي لاحتلالها.
إن الخطاب الذي يحمله نتنياهو بشأن “دولة إسرائيل الكبرى” و”الرسالة التوراتية” يتعارض بشكل مباشر مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، والتي تدعو إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي المحتلة ، والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني.
كما أن سياسات التهويد، والاستيطان، وتهجير السكان، والاعتداءات المتكررة على المدنيين، كلها تُعد جرائم موثقة بموجب القانون الدولي الإنساني، وترقى إلى جرائم حرب. وتتصاعد المطالبات اليوم في العديد من دول العالم بتحميل الاحتلال الإسرائيلي، وعلى رأسه نتنياهو، المسؤولية القانونية عن هذه الانتهاكات.
في ظل هذا الواقع، تبقى القضية الجوهرية: من يُحقق الحق؟ هل هو صاحب الحق التاريخي، الشرعي، والإنساني، أم من يحمل نزوة استعمارية مغلّفة بالدين والتاريخ؟ الإجابة واضحة: الشعوب الحرة لا تموت، والحق لا يسقط بالتقادم. الشعب الفلسطيني، رغم كل المجازر والنكبات والحصار، لا يزال متمسكًا بأرضه وهويته وحقه في الحرية وتقرير المصير.
ولعل التاريخ نفسه يقدم الدليل تلو الآخر على أن الاحتلال، مهما طال، مصيره الزوال. فالإرادة الشعبية والحق العادل أقوى من جيوش الاحتلال، وأمضى من كل أسلحة التضليل.
مشاركة عبر:
-
عندما تتحول الطبيعة إلى مصدر دخل… فهل ننتظر أم نبدأ
17/10/2025 00:37
-
إعلام قرار .. أمانة عمّان
17/10/2025 00:37
-
العصف الذهني المجتمعي
17/10/2025 00:37
-
برقية إلى الملك المؤسس .. ارتباط مجيد
17/10/2025 00:37
-
استشهاد القائد يحيى السنوار... الصمت الذي دوّى في قلب الاحتلال
16/10/2025 16:06
-
الشرق الأوسط بين ضباب التسويات ومكر الخرائط
16/10/2025 00:31
-
السياحة العلاجية الأردنية .. من يعيد البوصلة
16/10/2025 00:31
-
النخب السياسية المعلَّبة .. أقنعة الحداثة في مرايا العالم الثالث
16/10/2025 00:31
-
مصافحة باردة تشعل التحليل السياسي: كيف ردّ الملك عبد الله على حماس ترامب في قمة السلام
16/10/2025 00:30
-
الأردن .. الحكمة التي تنحاز للحق دائماً
15/10/2025 01:41