الرجاء الانتظار...

Main Logo
اخبار هنا العالم

الدكتورة هيفاء ابو غزالة: نتنياهو وأوهام إسرائيل الكبرى


الاثنين   01:28   25/08/2025
Article Image

أثار التصريح الأخير لرئيس وزراء الكيان المجرم بنيامين نتنياهو، حول ما أسماه “إسرائيل الكبرى” وما يحمله بحسب زعمه من رسالة تاريخية وروحانية تتوارثها الأجيال، حالة من الصدمة والاستهجان في الأوساط العربية والدولية. فهذا التصريح لا يكشف فقط عن عقلية متطرفة تتغذى على أساطير توراتية مزيفة، بل يؤكد أيضاً أن المشروع الصهيوني قائم على أطماع استعمارية توسعية لا حدود لها، تتعارض مع أبسط قواعد القانون الدولي والشرعية الدولية.

إن حديث نتنياهو عن “رسالة تاريخية” ليس إلا محاولة لإضفاء شرعية دينية على مشروع استعماري إحلالي، يقوم على اغتصاب الأرض وتشريد أهلها، ويهدف إلى إقناع الداخل الإسرائيلي والعالم بأن الاحتلال قدرٌ مكتوب، بينما الحقيقة أنه نتاج فكر عنصري متطرف يرفض التعايش، ويقوم على منطق القوة والعدوان.

إن هذا التصريح، بما يحمله من أوهام خطيرة، يُعد تهديداً مباشراً ليس فقط لفلسطين وشعبها الصامد، بل أيضاً للاردن ومصر وللدول العربية المجاورة، فهو يعكس أطماعاً مفضوحة في التوسع والهيمنة على المنطقة بأسرها. ولعل أخطر ما فيه أنه يُحاول زرع فكرة متوارثة للأجيال الإسرائيلية بأن الاحتلال مشروع مقدس، الأمر الذي يعني أن التطرف والعنصرية لن يتوقفا عند جيل معين، بل يجري توريثهما كمنهج حياة.

من الناحية السياسية، يمثل كلام نتنياهو تحدياً سافراً لكل القرارات الأممية ومبادئ الشرعية الدولية، وتأكيداً على أن هذا الكيان لم يكن في يوم من الأيام يسعى للسلام، بل يستخدم مفاوضاته كغطاء لمزيد من الاستيطان وفرض الأمر الواقع. أما من الناحية النفسية والاجتماعية، فإن خطابه يعكس حالة من “الجنون السياسي” الذي يتغذى على عقدة التفوق العرقي والديني، ليحوّل الصراع إلى معركة وجودية قائمة على الكراهية والإلغاء.

إن الرد على هذه الأوهام لا يكون فقط برفضها، بل بتعزيز الوعي العربي والإسلامي بخطورتها، وبمواصلة دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته المشروعة، والعمل الجاد على توحيد الصف العربي والإسلامي لمواجهة هذا المشروع الاستيطاني العنصري. فتصريحات نتنياهو لا يجب أن تُقرأ ككلمات عابرة، بل كجرس إنذار يذكرنا جميعاً أن الصراع لم يكن يوماً على حدود جغرافية فقط، بل على الهوية والحق والتاريخ والمستقبل.

إن ما يصفه نتنياهو برسالة روحانية هو في حقيقته رسالة احتلال واستعمار، وما يسميه إرثاً تاريخياً هو في الواقع إرث من الجرائم والانتهاكات. لكن الحقيقة الثابتة، التي ستبقى أقوى من كل أوهامه، أن فلسطين أرض عربية ، وأن الشعوب مهما طال صبرها لن تسمح بتمرير مشروع “إسرائيل الكبرى”، لأن الشعوب هي صاحبة الكلمة الأخيرة، والتاريخ لا يرحم المحتلين.


مشاركة عبر: