الرجاء الانتظار...

Main Logo
اخبار هنا العالم

ساركو: هل تعيد سويسرا النظر في اللوائح المنظمة للانتحار بمساعدة الغير


الأحد   15:18   24/08/2025
Article Image

اخبار هنا العالم - في سبتمبر 2024، شهدت غابة هادئة في كانتون شافهاوزن السويسري، بالقرب من الحدود الألمانية، حدثًا تاريخيًا أعاد إشعال النقاش العالمي حول الموت الرحيم: أول استخدام عملي لكبسولة "ساركو". كانت بطلة هذه القصة سيدة أمريكية تبلغ من العمر 64 عامًا، تعاني من مرض مناعي منهك، وقد اتخذت قرارها بإنهاء حياتها طواعية. قبل دخول الكبسولة، وثقت أسبابها ودوافعها في تسجيل فيديو موجز، ثم جلست داخل الجهاز، وبمجرد أن أصبح النظام جاهزًا، ضغطت على الزر بثبات، لتفارق الحياة بسلام بعد دقائق معدودة.

الواقعة، التي وصفتها مصورة من صحيفة "فولكسكرانت" الهولندية كانت حاضرة مع أعضاء منظمة "المأوى الأخير" (The Last Resort) التي تروج للموت الطوعي، سلطت الضوء على الطبيعة الفريدة لـ"ساركو" كأداة للموت بمساعدة ذاتية. فيليب نيتشكه، ناشط بارز في مجال الموت الرحيم ومخترع الجهاز، تابع الحدث من ألمانيا، وهو ما مكنه من تجنب الاعتقال الذي طال آخرين كانوا متواجدين في الموقع. هذا التفصيل يؤكد على التعقيدات القانونية المحيطة بالحدث والأشخاص المتورطين فيه.

تصميم "ساركو": وسيلة لموت هادئ؟
"ساركو" هي كبسولة مطبوعة بتقنية ثلاثية الأبعاد، صُممت لتوفير وسيلة للموت بمساعدة من خلال خفض مستويات الأكسجين بشكل تدريجي باستخدام غاز النيتروجين. يصف نيتشكه اختراعه بأنه يوفر "موتًا سلميًا وسهلًا"، مبررًا تصميمه بأنه يتيح للشخص التحكم الكامل في عملية وفاته دون الحاجة لتدخل طبي مباشر. هذه الآلية تثير تساؤلات حول الفروقات الدقيقة بين الانتحار بمساعدة والموت الرحيم النشط، وهو ما يعد محور الجدل القانوني والأخلاقي.

لم تمر الوفاة الأولى بساركو مرور الكرام. على الفور، أعلنت الشرطة السويسرية عن اعتقال العديد من الأشخاص وفتح تحقيق جنائي في الواقعة، بتهم تشمل التحريض والمساعدة على الانتحار. كانت السلطات في كانتون شافهاوزن قد حذرت مسبقًا من أن استخدام الجهاز قد يترتب عليه عواقب قانونية، لكن التراجع عن بعض هذه التحذيرات سمح بحدوث الواقعة.

سويسرا، المعروفة بتساهلها النسبي في قوانين الانتحار بمساعدة، تسمح بالفعل بالمساعدة على الموت تحت شروط معينة، أهمها أن يكون الفعل النهائي من قبل الشخص نفسه وأن لا يكون الدافع منفعة شخصية للمساعد. ومع ذلك، أثارت "ساركو" تساؤلات حول مدى توافقها مع هذه القوانين. صرحت وزيرة الداخلية السويسرية، إليزابيث بوم-شنايدر، في نفس يوم استخدام الكبسولة، بأن الجهاز "غير قانوني".

التحقيقات مستمرة لتحديد ما إذا كان استخدام "ساركو" يتجاوز الإطار القانوني الحالي للانتحار بمساعدة في سويسرا. القضية الأساسية تدور حول ما إذا كان الجهاز يسمح بالانتحار بمساعدة ذاتية بشكل كامل أم أنه ينطوي على مستوى من التدخل يتجاوز الحدود القانونية المقبولة حاليًا. تظهر الفجوة بين التقنية المتطورة والقوانين القائمة الحاجة الملحة لتحديث الإطار القانوني لمواكبة التطورات.

كانت منظمة "المأوى الأخير" (The Last Resort) حاضرة بقوة في المشهد، حيث روجت للوفاة بأنها "موت هادئ وكريم". ومع ذلك، لم تخلُ هذه المنظمة من الجدل. قبل وفاتها، وجهت امرأة أمريكية أخرى، كانت قد تراجعت عن استخدام "ساركو"، اتهامات خطيرة لمنظمة "المأوى الأخير" قبل أن تنهي حياتها لاحقًا بمساعدة إحدى الجمعيات السويسرية الأقدم والأكثر رسوخًا في مجال الموت الرحيم، مثل "ديغنيتاس" أو "إكزيت". هذا يسلط الضوء على الانقسامات والتنافسات داخل مجتمع الموت بمساعدة نفسه، وعلى الحاجة إلى معايير واضحة لضمان سلامة المرضى وأخلاقيات الممارسة.


مشاركة عبر: