الرجاء الانتظار...

Main Logo
اخبار هنا العالم

قضية خاشقجي وتأثيراتها على الساحة الدولية


الأحد   15:17   24/08/2025
Article Image

اخبار هنا العالم - في خضم الأحداث الدولية المتسارعة، برزت قضية اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي كحدث محوري استأثر باهتمام واسع النطاق في الأوساط الإعلامية والسياسية العالمية. وقد عكس هذا الاهتمام حجم التداعيات الجيوسياسية والاقتصادية التي خلفتها هذه القضية، خاصة في الصحافة السويسرية التي أولتها تغطية غير مسبوقة للشؤون العربية، متجاوزة بذلك قضايا إقليمية ودولية أخرى كان يمكن أن تحظى باهتمام أكبر، مثل استقالة المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أو الصراع المستمر في اليمن.

أشارت صحيفة "لوتون" السويسرية في عددها الصادر بتاريخ 17 أكتوبر 2018، تحت عنوان "خاشقجي وأطروحة "القتلة المارقين"، إلى الجهود المكثفة التي بذلتها كل من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية لصياغة "رواية رسمية" تفسر ملابسات اختفاء أو وفاة الصحفي جمال خاشقجي. ولقد جاء المقال التحليلي المنشور في صفحات الأخبار الدولية ليؤكد أن الرواية الأولية التي زعمت أن خاشقجي قُتل على يد "عصابة من المارقين" لم تلقَ قبولاً أو إقناعًا لدى الرأي العام الدولي. هذا الرفض الواسع النطاق دفع وزير الخارجية الأمريكي إلى التوجه نحو الرياض، في محاولة لمناقشة التطورات مع قادة المملكة الذين وجدوا أنفسهم تحت ضغط دولي متزايد وغير مريح.

منذ أسابيع قليلة سبقت هذه التغطية، وجدت العائلة المالكة السعودية نفسها في موقف دفاعي حرج للغاية، وذلك مع تواتر الأدلة والمعلومات الدقيقة التي سربتها السلطات التركية. تضمنت هذه الأدلة وصول خمسة عشر مسؤولاً أمنياً من الرياض إلى إسطنبول قبل ساعات قليلة من دخول خاشقجي القنصلية، برفقة مفتش طبي على متن طائرتين خاصتين. تجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من الطائرات عادة ما يتم استئجاره من قبل الدائرة الملكية أو المقربين منها. بالإضافة إلى ذلك، كشفت السلطات التركية عن تعطل مفاجئ وغير مبرر لكاميرات المراقبة في القنصلية. هذه التفاصيل، التي كشفت عنها أنقرة تدريجياً وبذكاء استراتيجي، ساهمت بشكل كبير في تصعيد الضغوط الدولية على القيادة السعودية.

على الرغم من التردد الواضح من جانب السلطات في الرياض، سمح أخيرًا للمفتشين الأتراك بالدخول إلى القنصلية السعودية في إسطنبول وتفتيش منزل القنصل. وخلال هذه التحقيقات، أشارت الصحيفة إلى اكتشاف جدران مطلية حديثًا داخل المبنى، وهو ما أثار تساؤلات حول محاولة إخفاء أي أدلة محتملة. تزامن هذا مع عودة الدبلوماسي السعودي إلى بلاده، مما اعتبر محاولة للتحصن من المزيد من الاستجوابات.

وفي ظل هذه التطورات، طالب المجتمع الدولي المملكة العربية السعودية بإجراء "تحقيق معمق ونزيه" في أسباب اختفاء خاشقجي. ومع ذلك، استندت صحيفة "لوتون" إلى تقارير إعلامية أمريكية تشير إلى أن العائلة المالكة السعودية كانت تعتزم الاعتراف بمقتل الصحفي أثناء تحقيق معه، مع الإشارة إلى تعرضه لـ "سوء معاملة" من قبل المحققين أدت إلى وفاته، والتعهد بمعاقبة المسؤولين. لكن الصحيفة السويسرية انتقدت هذه الرواية بشدة، معتبرة أنها لا تليق بالعائلة المالكة التي ظلت تؤكد لأسبوعين كاملين أن الصحفي غادر القنصلية بعد إنهاء معاملاته الإدارية. هذا التناقض الصارخ بين الروايات المتتالية أثر سلبًا على مصداقية الموقف السعودي.

وبالرغم من الجهود الأمريكية الرامية إلى صياغة سيناريو يبعد مسؤولية مقتل خاشقجي عن ولي العهد السعودي، إلا أن التطورات اللاحقة لم تصب في صالحه، وفقًا للصحيفة السويسرية التي استندت إلى مصادر مطلعة على أسرار العائلة المالكة في السعودية. يرى هذا المصدر أن الملك سلمان اضطر للتدخل لإنقاذ ابنه وتسهيل مسار صعوده إلى العرش، وذلك لأن قضية خاشقجي كانت قادرة على تعقيد هذا المسار بشكل كبير إذا ما ثبت تورط ولي العهد في الجريمة. هذه الرؤية تشير إلى أن تداعيات القضية تجاوزت مجرد الجانب الجنائي لتصل إلى صميم بنية السلطة في المملكة.


مشاركة عبر: