الرجاء الانتظار...

Main Logo
اخبار هنا العالم

تأخّر سويسرا في دعم المضادات الحيوية يهدد الأمن الصحي العالمي


الأحد   15:15   24/08/2025
Article Image

اخبار هنا العالم - في خضم التحديات الصحية العالمية المتزايدة، تبرز مقاومة مضادات الميكروبات، وتحديداً مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، كواحدة من أخطر التهديدات الوجودية للطب الحديث. هذه الأزمة الصامتة، التي غالبًا ما يتم التغاضي عنها لصالح قضايا صحية أكثر بروزًا، تُشكل خطرًا حقيقيًا على قدرتنا على علاج الأمراض الشائعة والتدخلات الطبية الروتينية. وعلى الرغم من التحذيرات المتكررة من المنظمات الصحية العالمية والخبراء، يبدو أن العديد من الدول، بما في ذلك سويسرا الغنية والمتطورة تكنولوجيًا، تتباطأ في دعم تطوير علاجات جديدة لمواجهة هذا التحدي المتفاقم. فما هي أبعاد هذه الأزمة؟ وما هي العوامل التي تعيق التقدم في هذا المجال؟

تُعد مقاومة مضادات الميكروبات (AMR) مشكلة صحية عالمية خطيرة، تتسبب في وفاة أعداد متزايدة من الأشخاص حول العالم. وفقًا لدراسات نُشرت في مجلة "ذا لانسيت"، تسببت مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية بشكل مباشر في وفاة ما يقرب من 1.3 مليون شخص في عام 2019، وساهمت في حوالي 5 ملايين وفاة إضافية، مما يجعلها ثالث أكبر سبب للوفاة عالميًا في ذلك العام. هذه الأرقام تُشير إلى أن الأزمة تتجاوز مجرد تحدٍ طبي لتصبح قضية إنسانية واقتصادية كبرى.

تتوقع بعض التقديرات أن تتفاقم الأزمة بشكل كبير في السنوات القادمة. فبحلول عام 2025، يُقدر أن مقاومة المضادات الحيوية قد تؤدي إلى وفاة 10 ملايين شخص سنويًا، وهو رقم يُعادل عدد الوفيات الناجمة عن السرطان. هذا التنبؤ المقلق يُسلط الضوء على الضرورة الملحة للتحرك العالمي لمواجهة هذا الخطر المتنامي. إذا استمر الوضع الراهن، فإننا قد نجد أنفسنا قريبًا في عصر ما قبل المضادات الحيوية، حيث تصبح الأمراض المعدية التي يمكن علاجها بسهولة حاليًا مميتة مرة أخرى، وتصبح العمليات الجراحية الروتينية، وحتى الولادة، محفوفة بمخاطر لا يمكن السيطرة عليها.

تأثيرات داخل المستشفيات السويسرية
حتى داخل المستشفيات السويسرية المتطورة، بدأت تظهر ملامح هذه الأزمة الصامتة. ففي سويسرا وحدها، يُقدر أن حوالي 300 شخص يفقدون حياتهم سنويًا بسبب العدوى المقاومة للأدوية، وفقًا لتقارير حديثة مثل "التقرير السويسري عن مقاومة المضادات الحيوية 2024". هذا يُظهر أن الأزمة ليست بعيدة أو افتراضية، بل هي حقيقة ملموسة تؤثر على الأنظمة الصحية في الدول المتقدمة أيضًا، مما يستدعي اهتمامًا عاجلاً وتدابير فعالة.

على الرغم من الحاجة الملحة لمضادات حيوية جديدة، لا يزال عدد الشركات المشاركة في تطويرها ضئيلًا للغاية. السبب يكمن في معادلة اقتصادية بسيطة لكنها قاسية: تكاليف البحث والتطوير (R&D) مرتفعة جدًا، بينما العائد المالي المتوقع ضعيف. يستغرق تطوير مضاد حيوي جديد من 10 إلى 15 عامًا، ويمكن أن تتجاوز تكلفته مليار دولار أمريكي (حوالي 790 مليون فرنك سويسري).

في المقابل، عندما تصل هذه الأدوية إلى السوق، تُباع عادة بأسعار منخفضة نسبيًا، وتكون كميات البيع محدودة. هذا التقييد في الاستخدام ضروري لمنع الإفراط فيه وتسريع ظهور المقاومة، مما يقلل من حجم السوق المحتمل وربحيته. هذا الافتقار إلى الحوافز المالية يُثبط الشركات عن الاستثمار في هذا المجال الحيوي، مما يخلق فجوة كبيرة في خط أنابيب تطوير المضادات الحيوية.


مشاركة عبر: